الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان أخوك بهذه الحال التي ذكرت فالواجب عليكم نصحه وتخويفه عاقبة هذه الموبقات، وعليكم أن تحولوا بينه وبين أسباب المحرمات ولا تمكنوه من الخلوة بأخته أو بنات أخته، أما طرده من البيت فليس بواجب إلا إذا تعين طريقا لمنعه من المنكر ولم تترتب عليه مفسدة أكبر من بقائه بالبيت، وإذا قمتم بما يجب عليكم نحو هذا الأخ فلا يضركم فساده –إن شاء الله- فإن الأصل في الشرع أن أحداً لا يؤخذ بجريرة غيره.
أما تعامل أبيك مع البنك الربوي –لغير ضرورة قاهرة- فهو من أعظم المنكرات التي تجلب المصائب على العبد، فإن الربا من أكبر الكبائر، ومن أسباب غضب الله ومحق البركة، ومن السبع الموبقات، ويستحق صاحبه اللعن، بل توعده الله بالحرب، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ . فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ (البقرة: 278،279).
فالواجب على أبيك أن يتوب إلى الله مما فات من إيداعه في البنك الربوي، ويتعامل مع بنك يلتزم أحكام الشرع في معاملته أو يبحث عن وسيلة من وسائل الاستثمار المشروعة.
واعلمي أنه إذا نزلت المصائب على العبد أو شعر بعدم التوفيق في بعض الأمور، فعليه أن يتهمّ نفسه ويراجع حاله مع الله، فإنّه كما قيل : لم ينزل بلاء إلا بذنب ولم يكشف إلا بتوبة، وليست الذنوب مقصورة على باب واحد، وإنما هي أعم من ذلك، فالواجب تجديد التوبة من كل الذنوب والحرص على أداء الفرائض واجتناب المعاصي الظاهرة والباطنة، وإذا كان العبد مستقيما على طاعة الله فإن المصائب قد تنزل عليه ابتلاء من الله ورفعا لدرجاته، فالواجب الصبر على البلاء واليقين بأن قدر الله كله رحمة للعبد.
والله أعلم.