الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا مانع شرعًا من الاستعانة بالآخرين من الجمعيات الأهلية والخيرية والمهتمين بالأمور الدعوية والتعليمية في الحصول على دعم لهذا الموقع الذي يسمع القرآن للناس، لما في ذلك من مصلحة عامة تخدم الدين، ولا يعتبر هذا من السؤال المذموم، لأنك لا تريد جمع المال لمصلحتك الشخصية وإنما تريده لمصلحة تهم المسلمين كلهم، وقد وقف النبي صلى الله عليه وسلم خطيبا يأمر الناس بالصدقة لما رأى من يحتاجها من المسلمين، ففي صحيح مسلم عَنِ الْمُنْذِرِ بْنِ جَرِيرٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَدْرِ النَّهَارِ، قَالَ: فَجَاءَهُ قَوْمٌ حُفَاةٌ عُرَاةٌ مُجْتَابِي النِّمَارِ أَوِ الْعَبَاءِ، مُتَقَلِّدِي السُّيُوفِ، عَامَّتُهُمْ مِنْ مُضَرَ بَلْ كُلُّهُمْ مِنْ مُضَرَ فَتَمَعَّرَ وَجْهُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِمَا رَأَى بِهِمْ مِنَ الْفَاقَةِ، فَدَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ، فَأَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ وَأَقَامَ فَصَلَّى ثُمَّ خَطَبَ فَقَالَ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ { النساء: 1} إِلَى آخِرِ الْآيَةِ، إِنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا } النساء: 1} وَالْآيَةَ الَّتِي فِي الْحَشْرِ: اتَّقُوا اللهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللهَ { الحشر: 18} تَصَدَّقَ رَجُلٌ مِنْ دِينَارِهِ، مِنْ دِرْهَمِهِ، مِنْ ثَوْبِهِ، مِنْ صَاعِ بُرِّهِ، مِنْ صَاعِ تَمْرِهِ - حَتَّى قَالَ - وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ ـ قَالَ: فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ بِصُرَّةٍ كَادَتْ كَفُّهُ تَعْجِزُ عَنْهَا، بَلْ قَدْ عَجَزَتْ، قَالَ: ثُمَّ تَتَابَعَ النَّاسُ، حَتَّى رَأَيْتُ كَوْمَيْنِ مِنْ طَعَامٍ وَثِيَابٍ، حَتَّى رَأَيْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَهَلَّلُ، كَأَنَّهُ مُذْهَبَةٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً، فَلَهُ أَجْرُهَا، وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ... الحديث.
والمذموم هو سؤال الشخص لنفسه ليكثر ماله الشخصي، فقد قال المناوي في فيض القدير: وما فتح رجل باب مسألة ـ أي طلب من الناس يريد بها كثرة في معاشه: إلا زاده الله تعالى بها قلة ـ بأن يمحق البركة منه ويحوجه حقيقة. اهـ .
ولا شك أنه يتعين على المسلم أن يستعين بالله كما في السنن في قول النبي صلى الله عليه وسلم لابن عباس: إذا سألت فاسأل الله، وإذااستعنت فاستعن بالله.
ولكن الأخذ بالأسباب مع تعلق القلب بالله لا ينافي ذلك، وراجع في الجائز والممنوع في الدعاية والإعلان الفتوى
رقم: 63048.
والله أعلم.