الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإذا كنت عاميا لا تستطيع النظر في الأقوال وأدلتها وتمييز صحيحها من ضعيفها فإن مذهب العامي هو ما يفتيه به العالم الثقة، وإذا اختلف عليه أهل العلم قيل هو مُخَيَّرٌ يَأْخُذُ بِأَيِّهَا شَاءَ، وقيل لاَ بُدَّ مِنْ مُرَجِّحٍ، وقيل يَأْخُذُ بِالأْغْلَظِ، وَقِيل بِالأْخَفِّ، وَقِيل بِقَوْل الأْعْلَمِ، وقيل بِقَوْل أَفْضَلِهِمْ عِنْدَهُ وَأَغْلَبِهِمْ صَوَابًا فِي قَلْبِهِ، على تفصيل ذكرناه في الفتوى رقم: 120640
والمفتى به عندنا أنه يعمل بنوع من الترجيح من حيث ثقته في علم المفتي وورعه وتقواه، فإذا كنت تأخذ بأكثر فتاوى ابن باز لكونه عندك أعلم وأتقى وأورع فليس لك أن تأخذ بفتوانا في المسألة المشار إليها, وإذا كان ابن باز ـ رحمه الله ـ وموقعنا عندك سواء فلا حرج عليك بالأخذ بفتوانا.
وفي كل الأحوال يجب عليك أن تحرص على أداء الصلاة في وقتها المحدد لها شرعا، واعلم أن ترك الصلاة من أعظم الذنوب وأكبر الكبائر، وأن إثم ذلك عند الله تعالى أعظم من إثم الزنى والسرقة وشرب الخمر وقتل النفس، بل قد رأيت أن بعض العلماء ذهب إلى كفر من يترك الصلاة عمدا، فهل يرضيك أيها الأخ أن يكون انتسابك لهذا الدين الحنيف محل خلاف بين العلماء، فحذار حذار أن تعرض نفسك لغضب الله تعالى وسخطه وعقوبته في الدنيا والآخرة.
وليس ما ذكرته من عدم علمك بالمواقيت عذرا في التأخير، فالعلم بوقت الصلاة ابتداء وانتهاء أمر سهل وميسور فتقاويم الصلاة موجودة في كل مكان لا سيما بلاد المسلمين, وما ذكرته من أنك استيقظت لصلاة الفجر وقت انتشار الضوء وظننت أن وقت الفجر قد مضى ونمت قد كان المتعين أن تقوم فورا للصلاة فربما يكون وقت الصلاة لم يخرج بعد, وحتى لو خرج وقتها فإن قضاء الصلاة الفائتة واجب على الفور في قول جمهور أهل العلم, ولكن إذا كان قد خرج وقتها بالفعل فإن تأخيرك للقضاء لا يعتبر كترك الصلاة متعمدا حتى يخرج وقتها، وانظر الفتوى رقم: 158977
وأما سؤالك عن حكم تأخير الصلاة إلى آخر وقتها من غير عذر: فيجوز تأخير الصلاة إلى آخر وقت الاختيار، لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن جبريل صلى به أول الوقت ثم صلى آخر الوقت وقال: وَالْوَقْتُ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ الْوَقْتَيْنِ. رواه أبو داوود.
ولا يجوز تعمد تأخير الصلاة من غير عذر إلى وقت الضرورة, والفجر لها وقت اختيار ووقت ضرورة عند كثير من العلماء، ولمعرفة وقت الضرورة من الاختيار للصلوات الخمس نحيلك إلى الفتويين رقم: 32380ورقم: 124150
وسيظهر لك أنه ليس كل صلاة يمتد وقتها إلى دخول الأخرى, وأما جمعك للظهر والعصر جمع تأخير لكونه الأيسر لك مع استطاعتك جمعهما جمع تقديم فلا حرج عليك في ذلك, ولا حرج عليك في أداء العشاء جمع تقديم بعد المغرب ما دمت مسافرا.
والله أعلم.