الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:
فإذا أصابت النجاسة أسفل الحذاء فقط فإنه يكفي في تطهيره دلكه بالأرض في قول كثير من الفقهاء.
قال ابن قدامة في المغني: أَسْفَلُ الْخُفِّ وَالْحِذَاءِ، إذَا أَصَابَتْهُ نَجَاسَةٌ، فَدَلَكَهَا بِالْأَرْضِ حَتَّى زَالَتْ عَيْنُ النَّجَاسَةِ فَفِيهِ ثَلَاثُ رِوَايَاتٍ : إحْدَاهُنَّ، يُجْزِئُ دَلْكُهُ بِالْأَرْضِ، وَتُبَاحُ الصَّلَاةُ فِيهِ وَهُوَ قَوْلُ الْأَوْزَاعِيِّ ، وَإِسْحَاقَ ؛ لِمَا رَوَى أَبُو دَاوُد ، بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : إذَا وَطِئَ أَحَدُكُمْ الْأَذَى بِخُفَّيْهِ فَطَهُورُهُمَا التُّرَابُ. وَفِي لَفْظٍ: إذَا وَطِئَ أَحَدُكُمْ بِنَعْلِهِ الْأَذَى ، فَإِنَّ التُّرَابَ لَهُ طَهُورٌ . وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلُ ذَلِكَ ، وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : إذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ إلَى الْمَسْجِدِ فَلْيَنْظُرْ ، فَإِنْ رَأَى فِي نَعْلَيْهِ قَذَرًا أَوْ أَذًى، فَلْيَمْسَحْهُ، وَلْيُصَلِّ فِيهِمَا. وَعَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ : كُنَّا لَا نَتَوَضَّأُ مِنْ مَوْطِئٍ. رَوَاهُمَا أَبُو دَاوُد. وَلِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ كَانُوا يُصَلُّونَ فِي نِعَالِهِمْ قَالَ أَبُو مَسْلَمَةَ سَعِيدُ بْنُ يَزِيدَ: سَأَلْت أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ: أَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي فِي نَعْلَيْهِ ؟ قَالَ : نَعَمْ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ النَّعْلَ لَا تَخْلُو مِنْ نَجَاسَةٍ تُصِيبُهَا ، فَلَوْ لَمْ يُجْزِئْ دَلْكُهَا لَمْ تَصِحَّ الصَّلَاةُ فِيهَا . وَالثَّانِيَةُ ، يَجِبُ غَسْلُهُ كَسَائِرِ النَّجَاسَاتِ ؛ فَإِنَّ الدَّلْكَ لَا يُزِيلُ جَمِيعَ أَجْزَاءِ النَّجَاسَةِ . وَالثَّالِثَةُ يَجِبُ غَسْلُهُ مِنْ الْبَوْلِ وَالْعَذِرَةِ دُونَ غَيْرِهِمَا ؛ لِتَغَلُّظِ نَجَاسَتِهِمَا وَفُحْشِهِمَا . وَالْأَوَّلُ أَوْلَى ، لِأَنَّ اتِّبَاعَ الْأَثَرِ وَاجِبٌ . اهـ .
وانظر الفتوى رقم: 105371 .
والله تعالى أعلم