الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحديث المذكور يدل على تحريم التصوير، والوعيد المذكور في حق المصور، ولا نعلم ما يدل على كون المشتري لها يعذب نفس العذاب لأن أمور العذاب في القبر والآخرة من الغيب الذي لا يؤخذ الا من النص.
والنصوص تدل على وجوب الحذر من اقتناء وإدخال هذه التماثيل في البيوت لأنها تمنع دخول الملائكة، وإذا وجد شيء منها وجب طمسه؛ لما روى مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الملائكة لا تدخل بيتا فيه كلب ولا صورة.
لما رواه أبو داود والترمذي من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أتاني جبريل فقال: إني كنت أتيتك البارحة، فلم يمنعني أن أكون دخلت عليك البيت الذي كنت فيه إلا أنه كان على الباب تماثيل، وكان في البيت قرام ستر فيه تماثيل، وكان في البيت كلب، فَمُرْ برأس التمثال الذي في البيت فليقطع فيصير كهيئة الشجرة، ومُرْ بالستر فيقطع فيجعل وسادتين منبوذتين توطئان، وَمُرْ بالكلب فليخرج. وصححه الألباني في صحيح الجامع.
وفي لفظ آخر: فإنا لا ندخل بيتاً فيه تماثيل.
وروى مسلم عن أبي الهياج الأسدي قال: قال لي علي بن أبي طالب: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن لا تدع تمثالاً إلا طمسته، ولا قبراً مشرفاً إلا سويته.
وقد بوب البخاري في صحيحه بابا لنقض الصور، أسند فيه حديث عائشة رضي الله عنها الذي قدمنا فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم: لم يكن يترك في بيته شيئاً فيه تصاليب إلا نقضه.
قال ابن حجر: (تَصَالِيب) جَمْع صَلِيب كَأَنَّهُمْ سَمَّوْا مَا كَانَتْ فِيهِ صُورَة الصَّلِيب تَصْلِيبًا تَسْمِيَة بِالْمَصْدَرِ ... اَلَّذِي يَظْهَر أَنَّهُ اسْتَنْبَطَ مِنْ نَقْضِ الصَّلِيب نَقْض الصُّورَة الَّتِي تَشْتَرِك مَعَ الصَّلِيب فِي الْمَعْنَى وَهُوَ عِبَادَتهمَا مِنْ دُون اللَّه. اهـ.
وقد نص الحديث على منع بيع التماثيل؛ كما رواه البخاري ومسلم وغيرهما عن جابر رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفتح يقول: إن الله ورسوله حرَّم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام.
وكما يمنع بيعها يمنع شراؤها؛ إذ لا فرق بين الأمرين.
والله أعلم.