الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد كان الواجب على الإمام أن يرجع بعد تذكره ثم يسجد للسهو ولو لم يتذكر إلا في نهاية الركعة الثالثة فلا يجوز أن يزيد ركعتين عمدا في التراويح، بل يتشهد ويسلم ثم يسجد للسهو, وهذا مذهب الشافعية ومنصوص الإمام أحمد ويفتي به الشيخ العثيمين ـ رحمه الله ـ جاء في إعانة الطالبين عند الكلام عن صلاة التراويح: قوله: بعشر تسليمات ـ أي وجوبا، لأنها وردت هكذا، وأشبهت الفرائض بطلب الجماعة فيها، فلا تغير عما وردت عليه، قوله: في كل ليلة ـ أي بعد صلاة العشاء، ولو مجموعة مع المغرب جمع تقديم، قوله: ويجب التسليم ـ الأولى التعبير بفاء التفريع، إذ المقام يقتضيه، لأنه مفرع على قوله بعشر تسليمات، قوله: فلو صلى أربعا منها ـ أي أو أكثر، وقوله: لم تصح ـ أي أصلا إن كان عامدا عالما، وإلا صحت له نفلا مطلقا. انتهى.
وجاء في مجموع فتاوى ورسائل الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى: سئل فضيلة الشيخ ـ رعاه الله تعالى ـ عن رجل يصلي التراويح فقام إلى ثالثة فذكرأو ذكر، فماذا يفعل؟ وما صحة قول من قال إنه إذا رجع بطلت صلاته قياساً على من قام من التشهد الأول في صلاة الفريضة؟ فأجاب فضيلته بقوله: إذا قام من يصلي التراويح إلى ثالثة فذكر أو ذكر وجب عليه الرجوع وسجود السهو، ويكون سجود السهو بعد السلام، لأنه عن زيادة، فإن لم يرجع بطلت صلاته إن كان عالماً، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: صلاة الليل مثنى مثنى ـ متفق عليه، فإذا زاد المصلي على ذلك فقد أتى بما ليس عليه أمر النبي صلى الله عليه وسلم، ونص الإمام أحمد على أنه إذا قام المصلي في الليل إلى الثالثة فكما لو قام إلى ثالثة في الفجر، أي كما لو قام من يصلي الفجر إلى ثالثة، ومن المعلوم أن من قام إلى ثالثة في صلاة الفجر وجب عليه الرجوع، لئلا يزيد على المفروض، وقد بين الفقهاء ـ رحمهم الله ـ هذا في باب صلاة التطوع. انتهى.
وفي المغني: ولو قام في صلاة الليل فحكمه حكم القيام إلى ثالثة في الفجر نص عليه أحمد، ولنا: قول النبي صلى الله عليه وسلم: صلاة الليل مثنى ـ ولأنها صلاة شرعت ركعتين فكان حكمها ما ذكرنا في صلاة الفجر، وأما صلاة النهار فيتمها أربعا.
وما دام الإمام زادها غير عالم بالحكم فإنها تصح نافلة مطلقة عند الشافعية، ونسأل الله أن يتقبل منه.
والله أعلم.