الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لا مانع من المسح على الجزمة أو الشراب إذا توفرت فيهما شروط المسح المبينة في الفتوى رقم :5799، كما يشرع المسح على الجزمة فوق الشراب الذي هو في حكم الجورب لأن ذلك بمثابة المسح على النعلين فوق الجوربين، وهو ثابت في السنة ففي سنن أبي داود والترمذي وابن ماجه ومسند الإمام أحمد عن المغيرة بن شعبة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح على الجوربين والنعلين.
وفي مطالب أولي النهى للبهوتي: ويمسح على الجوربين وسيور النعلين قدر الواجب. قاله القاضي وغيره. انتهى. وانظري الفتوى رقم: 48956.
وعليه؛ فإذا كانت الجزمة توفرت فيها شروط صحة المسح على الخفين، والتي من أهمها أن يسترا محل الفرض، وكانت السائلة تمسح عليها فوق الشراب ثم تصلي بهما من غير نزع للجزمة فصلاتها صحيحة، ولو كان الشراب غير ثابت أو مخرقا.
قال ابن قدامة رحمه الله : وإن لبس الفوقاني قبل أن يحدث جاز المسح عليه بكل حال سواء كان الذي تحته صحيحا أو مخرقا وهو قول الحسن بن صالح والثوري والأوزاعي وأصحاب الرأي، ومنع منه مالك في إحدى روايتيه والشافعي في أحد قوليه، لأن الحاجة لا تدعو إلى لبسه في الغالب فلا يتعلق به رخصة عامة كالجبيرة، ولنا أنه خف ساتر يمكن متابعة المشي فيه أشبه المنفرد، وكما لو كان الذي تحته مخرقا، وقوله: الحاجة لا تدعو إليه ممنوع فإن البلاد الباردة لا يكفي فيها خف واحد غالبا. ولو سلمنا ذلك ولكن الحاجة معتبرة بِدَلِيلِهَا وهو الإقدام على اللبس لا بنفسها. انتهى.
وإن نزعت الجزمة بعد المسح عليها وقبل الصلاة فاختلف أهل العلم هل يبطل الوضوء بذلك أم لا، سواء كان ما تحت الجزمة مما يشرع عليه المسح أم كان مما لا يشرع عليه المسح، لأن حكم المسح هنا متعلق بالممسوح عليه مباشرة وليس بما تحته، والذي رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية صحة الوضوء في هذه الحالة ، كما في الفتوى رقم: 6646. وانظري الفتوى رقم :12122. وعليه فإن الصلوات التي أديت على تلك الحالة صحيحة على رأي شيخ الإسلام، لكن لا ينبغي عمل ذلك مستقبلا خروجا من الخلاف ، والذي ينبغي فعله في هذه الحالة هو الصلاة بالجزمة التي تم المسح عليها فإن الصلاة فيها جائزة إن كنت خالية من النجس، ولمزيد الفائدة يرجى الاطلاع على الفتوى رقم: 19888 .
والله أعلم.