الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كلمة "ما" من أكثر ألفاظ اللغة العربية تشعبا، كما بين ذلك أهل اللغة وأهل الأصول.. في محله.
قال السيوطي في الكوكب الساطع:
"ما" اسما أتت موصولة، ونكره موصوفة، وذا تعجب تره
والشرط، الاستفهام، والحرفيةْ نفي، زيادة، ومصدريةْ
و"ما" في قوله صلى الله عليه وسلم : .. قدر الله وما شاء فعل. موصولة بمعنى: الذي.أي ويفعل الذي شاء،
وفي قوله صلى الله عليه وسلم: بعد ما أماتنا. الظاهر أنها مصدرية أي بعد إماتته لنا.
وفي قوله: ما كانت الحياة خيرا لي. الظاهر أنها ظرفية أي أحييني المدة التي الحياة فيها خير لي.
وفي قوله تعالى: وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ (الصافت:96). مصدرية، أي خلقكم وعملكم، أو موصولة، أي خلقكم وخلق الشيء الذي تعملونه.
قال الطبري في التفسير: وفي قوله: وما تعملون وجهان: أحدهما: أن يكون قوله ما بمعنى المصدر، فيكون معنى الكلام حينئذ: والله خلقكم وعملكم. والآخر أن يكون بمعنى الذي، فيكون معنى الكلام عند ذلك: والله خلقكم والذي تعملونه: أي والذي تعملون منه الأصنام.
وفي قوله: ما أصبح بي من نعمة.." الظاهر أنها موصولة أي الذي حصل لي في الصباح من النعم فمنك.
قال الملا قاري في شرح مشكاة المصابيح: أي حصل لي في الصباح من نعمة دنيوية أو أخروية ظاهرة أو باطنة أو بأحد من خلقك..
وفي قوله تعالى: مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ (الذاريات:57). نافية، أي أنه- سبحانه وتعالى- لا يريد من خلقه منفعة.
قال الشوكاني في تفسيره: هذه الجملة فيها بيان استغنائه سبحانه عن عباده، وأنه لا يريد منهم منفعة كما تريده السادة من عبيدهم.
والله أعلم.