الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فاعلم ـ أخي السائل ـ أن مجيء الأمر على خلاف ما يتمنى الشخص المستخير ويهوى لا يدل على أن ذلك الأمر لم يكن هو الخير، قال تعالى: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة: 216}. وقال تعالى: فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا {النساء: 19}.
وقد يكون صاحبك استخار وهو متلبس بمانع من موانع الإجابة كالدعاء حال غفلة القلب، أو الدعاء مع الشك في الإجابة غير موقن بها، أو على سبيل التجربة أو غير ذلك من الموانع التي قد يتلبس بها الداعي فلا يستجاب له، ثم إن استجابة الدعاء في الجملة لا يلزم أن تكون بإعطاء العبد عين ما دعا به، فقد يستجاب له بصورة أخرى بينها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَدْعُو بِدَعْوَةٍ لَيْسَ فِيهَا إِثْمٌ وَلَا قَطِيعَةُ رَحِمٍ إِلَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ بِهَا إِحْدَى ثَلَاثٍ: إِمَّا أَنْ تُعَجَّلَ لَهُ دَعْوَتُهُ، وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَهَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنْ السُّوءِ مِثْلَهَا، قَالُوا إِذًا نُكْثِرُ، قَالَ اللَّهُ أَكْثَرُ. رواه أحمد في المسند.
ولا ينبغي للداعي أن يضجر من تأخر إجابة دعائه، وفي البخاري من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: يُسْتَجَابُ لِأَحَدِكُمْ مَا لَمْ يَعْجَلْ يَقُولُ دَعَوْتُ فَلَمْ يُسْتَجَبْ لِي.
وانظر الفتوى رقم: 121036، فيمن استخار الله ولم يتيسر له مراده.
والله أعلم.