الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يلزمك البحث والتنقيب عن أصل مال من تعامله مالم يغلب على ظنك وجود الحرام بماله.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وإن كان مجهول الحال فالمجهول كالمعدوم، والأصل فيما بيد المسلم أن يكون ملكاً له إن ادعى أنه ملكه، فإذا لم أعلم حال ذلك المال الذي بيده بنيت الأمر على الأصل.
ومن علمت أن في ماله حراما وجهلت مقداره فينبغي لك التثبت والتريث حتى تعلم نسبة الحرام في ماله، فلو غلب الحرام على ماله فإن من أهل العلم من يقول بحرمة معاملته، وفي الحديث: من ترك الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه. متفق عليه.
وثبت في سنن النسائي والترمذي بإسناد صحيح عن الحسن بن علي رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك .
وبالتالي فالتورع عما فيه شبهة قوية هو الأولى.
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: والتحقيق في المسألة أن من علم كون ماله حلالاً فلا ترد عطيته، ومن علم كون ماله حراماً فتحرم عطيته، ومن شك فيه فالاحتياط رده وهو الورع، ومن أباحه أخذ بالأصل. انتهى.
على أن معاملة مختلط المال وهو من كان في ماله حلال وحرام الراجح جوازها مع الكراهة فقط، وراجع في هذا الفتوى رقم: 7707
والله أعلم.