الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يخفى أنّ الزنا من أفحش الذنوب ومن أكبر الكبائرالتي تجلب غضب الله، وهو جريمة خطيرة لها أثارها السيئة على الفرد والمجتمع، قال تعالى: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلا { الإسراء: 32}.
وإذا حملت المرأة من الزنا فإن ذلك الحمل لا ينسب للزاني، لكن ذهب بعض العلماء إلى أن المرأة إذا لم تكن ذات زوج فإنه يجوز نسبة هذا الولد لمن زنا بها إذا ادعاه، لكن جماهير أهل العلم على خلاف ذلك، كما بيناه في الفتوى رقم:6045.
والسبب في عدم نسبة ولد الزنا إلى الزاني ـ رغم كونه مخلوقا من مائه يرجع - والله أعلم - إلى أن الزنا سبب محرم فلا يتوصل به إلى النسب، قال القرافي: وَالسَّبَبُ إذَا لَمْ يَأْذَنْ فِيهِ صَاحِبُ الشَّرْعِ يَكُونُ كَالْمَعْدُومِ شَرْعًا، وَالْمَعْدُومُ شَرْعًا كَالْمَعْدُومِ حِسًّا فَلَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ أَثَرُهُ.
كما أن النسب يقصد به شرف الانتساب إلى الآباء، وذلك غير متحقق في حال الزنا، جاء في كشف الأسرار عن أصول فخر الإسلام البزدوي: وإنما لم يثبت النسب من جانبه، لأن المقصود من الانتساب التشرف ولا يحصل ذلك بالنسبة إلى الزاني.
والله أعلم.