الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس الكبر في السن مانعا من الإمامة في الصلاة إذا لم يصل إلى حد العجزعن أركانها وواجباتها، وما دام الإمام المذكورغير غاصب للإمامة من إمام راتب فهو إمام تصح الصلاة خلفه مع كراهة تقدمه إن كان مصرا على التقدم للإمامة وهناك من هو أحق منه بها أو كان يكره لشيء يتعلق بدينه أو كرهه جل القوم أو كلهم، ففي حاشية الشرواني على تحفة المحتاج عند قول المؤلف: وتكره إمامة من يكرهه.. إلخ ـ يكره تنزيها أن يؤم الرجل قوما أكثرهم له كارهون لأمر مذموم شرعا كوال ظالم أو متغلب على إمامة الصلاة ولا يستحقها أو لا يحترز من النجاسة أو يمحو هيئات الصلاة أو يتعاطى معيشة مذمومة أو يعاشر الفسقة أو نحوهم وإن نصبه لها الإمام الأعظم. انتهى.
لكن ينبغي تنبيهه على أن الالتزام بقراءة الفاتحة جماعة بعد الصلاة المكتوبة ليس مطلوبا وليست الفاتحة أصلا من الأذكار المشروعة بعد الصلاة لعدم وجود الدليل على ذلك، لكن لو قرأها الشخص أحياناً فلا حرج في ذلك، أما المداومة على قراءتها واعتبار ذلك من السنة أو من الأذكار المطلوبة بعد الصلاة فهو من البدع، وفي فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء: وما يفعله بعض الناس من قراءة الفاتحة والدعاء جماعة بعد الصلاة من البدع، وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ـ خرجه مسلم في صحيحه وأصله في الصحيحين عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ـ والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، ولن يصلح آخر هذه الأمة إلا ما أصلح أولها، كما قال ذلك الإمام مالك بن أنس رحمه الله وغيره من أهل العلم. انتهى.
وقد سبق أن أوضحنا في الفتوى رقم: 111756، أن قراءة الحزب جماعة بعد صلاة محددة لم تثبت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا في عهد القرون المزكاة بعده، وأن المواظبة عليها مع اعتقاد سنية ذلك يدخل في البدع الإضافية، فينبغي تركه.
وعلى هذا، فينبغي توجيه الإمام المذكور ونصحه بالأسلوب اللين من قبل الأشخاص المؤهلين لذلك علما وخلقا، لكي يقتصر على الأذكار الواردة في السنة بعد الصلاة ويترك الالتزام بما ليس واردا مثل الالتزام بقراءة الفاتحة بعد الصلاة جماعة، لكن التزامه هذه الأمور ليس قادحا في صحة إمامته، وإن كان الأولى تقديم إمام ملتزم بالسنة الصحيحة، ثم إن عدم إتقان أحكام التجويد والحفظ ليس مانعا من قراءة القرآن إذا كان الشخص يلقن أو يقرأ من المصحف، مع أن القراءة بالتجويد أمر واجب على المستطيع، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 107498.
أما فيما يتعلق بالإسراع في الصلاة وعدم الترتيل في القراءة وقلة العلم فإذا لم يصل الإسراع إلى حد الإخلال بأركان الصلاة وواجباتها فإنه لا يؤثر على صحة الاقتداء، كما يصح الاقتداء بمن لا يحسن أحكام التجويد ما دامت قراءته صحيحة وليس فيها ما يحيل المعنى، كما سبق بيانه في الفتاوى التالية أرقامها: 26582، 112175، 111445.
أما عن قلة العلم فلا يشترط في الإمام أن يكون عالما ولا مفتيا مع أن تقديم الأفقه أولى، وانظر شروط إمامة الصلاة في الفتويين رقم: 9642، ورقم: 50951.
والله أعلم.