الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فننصحك أولا بالتريث وعدم التعجل إلى الموافقة على إرجاعه لك حتى تتبيني أمره - إن كان قد تغير حاله فعلا أم لا، وإن كان يرجى أن يحسن عشرتك مستقبلا أم لا، فربما يكون والدك على حق، ويمكن معرفة ذلك بسؤال الثقات القريبين منه، فإن تبين لك أن الأصلح رجوعك إليه ورغبت في ذلك فليس لوليك منعك من الرجوع إليه، قال تعالى: وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ { البقرة 232}.
روى البخاري عن معقل بن يسار أنها نزلت فيه قال: زوجت أختا لي من رجل فطلقها حتى إذا انقضت عدتها جاء يخطبها فقلت له زوجتك وفرشتك وأكرمتك فطلقتها ثم جئت تخطبها لا والله لا تعود إليك أبدا، وكان رجلا لا بأس به، وكانت المرأة تريد أن ترجع إليه، فأنزل الله هذه الآية: فلا تعضلوهن: فقلت الآن أفعل يا رسول الله، قال فزوجها إياه.
فنوصيك بالاستمرار في محاولة إقناع والدك، واستعيني عليه بالمقربين منه، فإن استجاب فبها ونعمت، وإلا فارفعي الأمر إلى الجهة المختصة بالنظر في قضايا المسلمين ليزوجوك من هذا الرجل، وننبه إلى أن الزوج مطالب شرعا بأن يحسن عشرة زوجته، كما قال تعالى مخاطبا الأزواج: وعاشروهن بالمعروف {النساء 19}.
وإذا لم يكن بإمكانه أن يمسك بمعروف فعليه أن يفارق بإحسان، وننبه أيضا إلى أنه لا يجوز لأم الزوج ولا لغيرها التدخل بين ابنها وزوجته على وجه يفسد العلاقة بينهما، فإنها بهذا التصرف تضر ابنها قبل أن تضر زوجته، وعلى الزوج أن يتثبت فيما إذا نقل له شيء عن زوجته، لأن الله تعالى يقول: يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين { الحجرات 6}.
والله أعلم.