الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فلا شك أن نفقتك على أولاد أخيك المحتاجين يعتبر عملا صالحا تؤجر عليه ـ إن شاء الله تعالى ـ إن ابتغيت بنفقتك عليهم وجه الله عز وجل, وخوفك من الوقوع في المن خوف محمود، ولكن لا ينبغي أن يكون ذلك سببا في قطع نفقتك عليهم، والمن المذموم -كما قال أهل العلم- هو تعداد النعم على المنعم عليه كأن يقول له: أعطيتك كذا ومنحتك كذا وفعلت لك كذا ونحو هذا الكلام, قال ابن العربي المالكي في أحكام القرآن: الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ وَهُوَ الْقَوْلُ فِي تَحْقِيقِ الْمَنِّ، وَهُوَ يَنْطَلِقُ عَلَى مَعْنَيَيْنِ: أَحَدُهُمَا الْعَطَاءُ، وَالثَّانِي التَّعْدَادُ عَلَى الْمُنْعَمِ عَلَيْهِ بِالنِّعَمِ. اهـ.
فإذا لم يحصل منك هذا المعنى فلست بمنان ولا يلحقك إثم المن, واجتهد في أن تكون نفقتك خالصة لوجه الله تعالى بأن تنوي بها التقرب إليه بتلك النفقة وصلة الرحم وسد حاجتهم وحفظهم من الانزلاق في مساوئ الأخلاق, فإذا نويت ذلك أجرت ـ بإذن الله تعالى ـ ومقابلة الإساءة بالإحسان محمودة شرعا، كما قال تعالى في سورة الرعد: وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُولَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ.{ الرعد:22}.
قال ابن كثير ـ رحمه الله تعالى: أي: يدفعون القبيح بالحسن، فإذا آذاهم أحد قابلوه بالجميل صبرا واحتمالا وصفحا وعفوا، كما قال تعالى: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ { فصلت: 34، 35} اهـ.
فاستمر في النفقة على أولاد أخيك وأبشر بالخير والثواب من الله تعالى ولينشرح صدرك بتوفيق الله لك.
والله أعلم.