الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالربا من أكبر الكبائر وأشدها إثما وأقبحها جرما، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ. {البقرة: 278 ـ 279 }.
وفي الصحيحين عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: اجتنبوا السبع الموبقات ـ فذكر منها: أكل الربا. وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه وقال: هم سواء. رواه مسلم.
فلا يجوز الإقدام عليه والحالة هذه إلا لمن ألجأته إليه ضرورة معتبرة شرعا، قال تعالى: وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ. {الأنعام: 119}.
وحد هذه الضرورة: هو وصول الإنسان إلى حالة لو لم يتناول معها المحرم لهلك، أو وقع في مشقة شديدة لا تحتمل، جاء في نظرية الضرورة الشرعية تعريف الضرورة بأنها: هي أن تطرأ على الإنسان حالة من الخطر، أو المشقة الشديدة بحيث يخاف حدوث ضرر، أو أذى بالنفس، أو بالعضو ـ أي عضو من أعضاء النفس ـ أو بالعرض، أو بالعقل، أو بالمال وتوابعها، ويتعين أو يباح عندئذ ارتكاب الحرام، أو ترك الواجب، أو تأخيره عن وقته دفعاً للضرر عنه في غالب ظنه ضمن قيود الشرع. انتهى.
وبالتالي، فليس لك أن تكفل من يريد الاقتراض بالربا لحرمة التعاون معه على إثمه، قال تعالى: ولا تعاونوا على الإثم والعدوان { المائدة:2}.
إلا إذا كانت الأرملة مضطرة إلى ذلك حيث لم تجد وسيلة تعول بها نفسها وأولادها غير تلك المعاملة فلا حرج عليك إذن في كفالتها، لأنك لا تعينها على إثم وإنما تعينها على ما يباح لها بحكم الضرورة.
والله أعلم.