الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يخفى عليك أن هذا الشاب أجنبي عنك، فإقدامك على تبادل عبارات الحب معه عبر الفيس بوك معصية تجب عليك التوبة منها وعدم العود لمثل ذلك مستقبلا لتسلمي ويسلم لك دينك، وراجعي شروط التوبة بالفتوى رقم 5450. والمحادثة بين الرجل والمرأة الأجنبية لا يجوز إلا في حدود ضيقة بأن تكون هنالك حاجة فيحادثها بقدر الحاجة ومع مراعاة الضوابط الشرعية في الألفاظ ونحوها. وأما أن تراسليه لمعرفة الكثير عنه ومعرفة طموحه ونحو ذلك مما ذكرت فلا يجوز وهو باب إلى الفساد، قد يقود الشيطان بسببه إلى الوقوع فيما هو أعظم فيحصل الندم ولات حين مندم، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ.[النور 21].
فلا يجوز لك إذن مراسلته بعلم أهلك أو بغير علمهم. ثم إن مثل هذا السبيل للتعارف بين الجنسين من أجل الزواج غالبا ما يتحقق به عكس المقصود بأن يخدع كل منهما الآخر بمعسول الكلام وحلاوة الألفاظ، وبدافع العاطفة يظن كل منهما بالآخر خيرا، ثم بعد الزواج ينكشف المستور ويظهر الوجه الآخر السيء، فيقع الطلاق في زواج يزعم أنه قد بني على الحب والتعارف قبل الزواج. والسبيل الأقوم أن يسأل كل من الطرفين عن الآخر من يعرفه فإن أثني عليه خيرا أقدم على الموافقة على الزواج منه بعد الاستخارة في أمره، وإلا انصرف راشدا.
ولا يجوز لك أن ترسلي إليه صورة ، فهذا أيضا باب من أبواب الفتنة. والخطوبة أيضا لا تحل شيئا مما ذكرنا من المحادثة أو غيرها، فالخاطب أجنبي عن مخطوبته حتى يعقد له عليها كما أوضحنا بالفتوى رقم: 1151.
وفي الختام نقول كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم ير للمتحابين مثل النكاح. رواه ابن ماجه. فإن تيسر زواجه منك فبها ونعمت، وإلا فلا تشغلي نفسك به، وسلي الله تعالى أن يرزقك زوجا صالحا خيرا منه، هذا مع العلم أنه لا حرج شرعا في أن تبحث المرأة عن زوج أو أن تعرض نفسها على من ترغب في أن يكون لها زوجا في حدود الحشمة والأدب ومراعاة ضوابط الشرع. وانظري الفتوى رقم: 18430.
والله أعلم.