الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففتح حساب التوفير يأخذ حكم البنك الذي يفتح فيه، حِلاً أو حرمة، فإذا كان البنك منضبطاً بأحكام الشريعة، فلا حرج في فتح حساب فيه، وما ينتج عنه من أرباح فهو حلال. وإن كان البنك لا يتقيد بأحكام الشريعة فلا يجوز فتح حساب فيه، لا للتوفير ولا لغيره، وأرباحه محرمة، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 9675.
والبنك الذي ذكره الأخ السائل من البنوك الربوية، والحكم بالحل على معاملاته مجازفة غير مقبولة، ونكتفي هنا بنقل قرار المؤتمر الإسلامي الثاني لمجمع البحوث الإسلامية بالقاهرة، عام: 1385هـ، الموافق 1965م والذي ضم ممثلين ومندوبين عن خمس وثلاثين دولة إسلامية، هذا بيان المؤتمر الذي صدر به قراراته وتوصياته ونقتصر في هذا المجال على نشر ما قرره المؤتمر بالإجماع بشأن المعاملات المصرفية:
1) الفائدة على أنواع القروض كلها ربا محرم، لا فرق في ذلك بين ما يسمى بالقرض الاستهلاكي، وما يسمى بالقرض الإنتاجي لأن نصوص الكتاب والسنة في مجموعها قاطعة في تحريم النوعين. 2) كثير الربا وقليله حرام، كما يشير إلى ذلك الفهم الصحيح في قوله تعالى: (يأيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافًا مضاعفة). 3) الإقراض بالربا محرم لا تبيحه حاجة ولا ضرورة، والاقتراض بالربا محرم كذلك، ولا يرتفع إثمه إلا إذا دعت إليه الضرورة ... وكل امرئ متروك لدينه في تقدير ضرورته. 4) أعمال البنوك من الحسابات الجارية وصرف الشيكات وخطابات الاعتماد والكمبيالات الداخلية التي يقوم عليها العمل بين التُّجَّار والبنوك في الداخل: كل هذا من المعاملات المصرفية الجائزة، وما يؤخذ في نظير هذه الأعمال ليس من الربا. 5) الحسابات ذات الأجل، وفتح الاعتماد بفائدة، وسائر أنواع الإقراض نظير فائدة كلها من المعاملات الربوية وهي محرمة. اهـ.
وراجع لمزيد الفائدة الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 152467، 23577.
وراجع في مال القصر الذي يودع في بنك ربوي لفترة طويلة، الفتوى رقم: 60443.
فعلى السائل الكريم أن ينظر في أصل المال الحلال فيتملكه بالإرث، وأما ما كان من الفوائد الربوية فيتخلص منه بإنفاقه في المصالح العامة أو بذله للمحتاجين، فإن جهل قدره ولم يمكن معرفته عن طريق مراجعة حسابات البنك، فإنه يخرجه بالاجتهاد والتقدير.
قال النووي في (المجموع): من ورث مالا ولم يعلم من أين كسبه مورثه أمن حلال أم من حرام؟ ولم تكن علامة فهو حلال بإجماع العلماء، فإن علم أن فيه حراما وشك في قدره أخرج قدر الحرام بالاجتهاد. اهـ.
وبالنسبة لدفع السائل من هذه الفوائد في سداد ديون أخيه، فلا حرج في ذلك إن كان أخوه من جملة المحتاجين، فيعطى منها بقدر حاجته، وأما دفعها لمصلحة السائل كأن يسنقذ بها بعض ماله في البنك فلا يجوز بل يصرفها في وجوه البر، وراجع في ذلك الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 18693، 27895، 35958.
والله أعلم.