الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقد وردت هذه الآية في القتال في سبيل الله تعالى، وهي جواب لقوله سابقًا: وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا {النساء:74}، فقد قال البغوي في تفسيره: إن النبي صلى الله عليه وسلم واعد أبا سفيان بعد حرب أحد موسم بدر الصغرى في ذي القعدة، فلما بلغ الميعاد، دعا الناس إلى الخروج، فكرهه بعضهم، فأنزل الله عز وجل: (فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ)، أي: لا تدع جهاد العدو، والانتصار للمستضعفين من المؤمنين، ولو وحدك، فإن الله قد وعدك النصرة، وعاتبهم على ترك القتال، والفاء في قوله تعالى: (فَقَاتِلْ) جواب عن قوله (وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا) فقاتل، (وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ) على القتال، أي: حضهم على الجهاد، ورغبهم في الثواب، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبعين راكبًا، فكفاهم الله القتال، فقال جل ذكره: (عَسَى اللَّهُ) أي: لعل الله، (أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا) أي: قتال الذين كفروا المشركين، و"عَسَى" من الله واجب، (وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا) أي: أشد صولة، وأعظم سلطانًا، (وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا) أي: عقوبة. اهـ.
ولكن الآية وإن كان سبب نزولها ما ذكر، فإنها عامة في كل التكاليف؛ فإن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، كما هو مقرر في علم الأصول.
والله أعلم.