الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان أبوك قد طلق زوجته ثلاثا ثم أرجعها قبل أن تتزوج غيره ـ زواج رغبة ـ ثم بعد الدخول يطلقها الزوج أو يموت عنها وتنقضي عدتها منه، أو طلقها دون الثلاث ولم يراجعها حتى انقضت عدتها ثم راجعها من غير عقد جديد فمعاشرته لها حرام، وعلى الزوجة ألا تمكنه من نفسها إن علمت ذلك، ففي مسائل الإمام أحمد بن حنبل رواية صالح: وسألته عن امرأة ادعت أن زوجها طلقها وليس لها بينة وزوجها ينكر ذلك، قال أبي: القول قول الزوج إلا أن تكون لا تشك في طلاقه قد سمعته طلقها ثلاثا فإنه لا يسعها المقام معه وتهرب منه وتفتدي بمالها.
والواجب عليكم نصح والدكم وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر، وليس ذلك من العقوق، بل هو من البر به والإحسان إليه لكن لا بد أن يكون ذلك برفق وأدب، فإن الإنكار على الوالد يختلف عن الإنكار على غيره، وحق الوالد عظيم وبره ومصاحبته بالمعروف واجبة مهما كان حاله، وانظري الفتوى رقم: 134356.
فإن أصر الوالد على معاشرة هذه المرأة في الحرام، فلا يجوز لكم السكوت على ذلك وعليكم أن ترفعوا الأمر للقاضي الشرعي ليفرق بينهما إن ثبت عنده عدم حلها له، ففي شرح الخرشي عند قول خليل: وفي محض حق الله تجب المبادرة بالإمكان إن استديم تحريمه كعتق وطلاق ووقف ورضاع ـ قال: يعني أن الحق إذا تمحض لله تعالى, وكان مما يستدام تحريمه فإنه يجب على الشاهد المبادرة بالشهادة إلى الحاكم بحسب الإمكان كمن علم بعتق عبد, وسيده يستخدمه ويدعي الملكية فيه, وكذلك الأمة أو علم بطلاق امرأة ومطلقها يعاشرها في الحرام.
وهذا إنما هو إذا كانت معاشرته لها غير مستندة إلى شيء، وأما لو كان مستندا في ذلك إلى فتوى ممن يوثق بعلمه وورعه وقد أفتاه بانتفاء بعض تلك الطلقات لدليل يراه فإنه لا ينكر عليه حينئذ.
والله أعلم.