الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فقد سبق لنا أن بينا في عدة فتاوى أن الراجح هو أن البعيد عن الكعبة يلزمه استقبال جهتها لا عينها وهو قول جمهور أهل العلم، كما في الفتوى رقم: 138747.
فإذا كان الانحراف المذكور في السؤال عن جهة القبلة انحرافا يسيرا فإنه لا تبطل به الصلاة، لأنه لايؤدي إلى الخروج عن استقبال جهة القبلة, وقد ذكر شيخ الإسلام ضابطاً للانحراف اليسير غير المبطل، فقال: بِحَيْثُ يُمْكِنُ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ وَجْهِهِ خَطٌّ مُسْتَقِيمٌ إلَى الْكَعْبَةِ وَمِنْ صَدْرِهِ وَبَطْنِهِ، لَكِنْ قَدْ لَا يَكُونُ ذَلِكَ الْخَطُّ مِنْ وَسَطِ وَجْهِهِ وَصَدْرِهِ، فَعُلِمَ أَنَّ الِاسْتِقْبَالَ بِالْوَجْهِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَخْتَصَّ بِوَسَطِهِ فَقَطْ. اهـ.
فإذا كان الانحراف المذكور يسيرا على هذا الضابط فالصلاة صحيحة, ومع ذلك فإن الأولى أن يسعى القائمون على المسجدين المشار إليهما بالمبادرة إلى تصحيح الانحراف خروجا من الخلاف ودرءا للفتنة بين المصلين, ومن المعلوم أن استقبال القبلة شرط في صحة الصلاة وتبطل بدونه, جاء في الموسوعة الفقهية: لاَ خِلاَفَ فِي أَنَّ مِنْ شُرُوطِ صِحَّةِ الصَّلاَةِ اسْتِقْبَال الْقِبْلَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: فَوَل وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُمَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ـ أَيْ جِهَتَهُ. اهـ.
ولا يمكن القول بأن البعيد يلزمه استقبال عين الكعبة مع وجود برنامج قوقل الذي يساعد على إصابة عين الكعبة, لأن هذا قد يكون متعذرا في الواقع، إذ الصف الطويل لا يمكن أن يستقبل من كان في طرفيه عين الكعبة مع بعد المسافة جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: لو كان الغرض إصابة العين على من بعد عن الكعبة لما صحت صلاة أهل الصف الطويل على خط مستو، ولا صلاة اثنين متباعدين يستقبلان قبلة واحدة، فإنه لا يتأتى أن يتوجه إلى الكعبة مع طول الصف أكثر من قدر الكعبة. اهـ.
والله أعلم.