الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فإن كنت تعني بقولك: وراثة الملك ـ أي أن يعهد الحاكم بالحكم لولده من بعده أو أحد أقاربه فهذا قد يكون محرما وقد يكون جائزا, فإذا أعطاه لمن يصلح للحكم شرعا وتتوافر فيه الشروط الشرعية في الحاكم فهذا جائز, وإن أعطاه لمن لا يصلح للحكم شرعا فهذا غير جائز, وذلك أن المقصد الأساس من الحكم هو سياسة الدنيا بالدين ورعاية مصالح المسلمين الدينية والدنيوية, جاء في الموسوعة الفقهية في بيان المقصد الأساس للدولة: هُوَ رِعَايَةُ مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ الدِّينِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ, يَقُول الْمَاوَرْدِيُّ: الإْمَامَةُ مَوْضُوعَةٌ لِخِلاَفَةِ النُّبُوَّةِ فِي حِرَاسَةِ الدِّينِ وَسِيَاسَةِ الدُّنْيَا ـ وَالإْمَامُ هُوَ مَنْ تَصْدُرُ عَنْهُ جَمِيعُ الْوِلاَيَاتِ فِي الدَّوْلَةِ, وَيَقُول ابْنُ تَيْمِيَّةَ: فَالْمَقْصُودُ الْوَاجِبُ بِالْوِلاَيَاتِ إِصْلاَحُ دِينِ الْخَلْقِ الَّذِي مَتَى فَاتَهُمْ خَسِرُوا خُسْرَانًا مُبِينًا، وَلَمْ يَنْفَعْهُمْ مَا نَعِمُوا بِهِ فِي الدُّنْيَا، وَإِصْلاَحُ مَا لاَ يَقُومُ الدِّينُ إِلاَّ بِهِ مِنْ أَمْرِ دُنْيَاهُمْ، وَيَقُول ابْنُ الأْزْرَقِ: إِنَّ حَقِيقَةَ هَذَا الْوُجُوبِ الشَّرْعِيِّ يَعْنِي وُجُوبَ نَصْبِ الإْمَامِ رَاجِعَةٌ إِلَى النِّيَابَةِ عَنِ الشَّارِعِ فِي حِفْظِ الدِّينِ وَسِيَاسَةِ الدُّنْيَا بِهِ، وَسُمِّيَ بِاعْتِبَارِ هَذِهِ النِّيَابَةِ خِلاَفَةً وَإِمَامَةً وَذَلِكَ لأِنَّ الدِّينَ هُوَ الْمَقْصُودُ فِي إِيجَادِ الْخَلْقِ لاَ الدُّنْيَا فَقَطْ. اهـ.
فإذا كان الحاكم سيعهد بالحكم لمن سيقوم بهذه السياسة الشرعية فهذا جائز, وانظر للفائدة الفتوى رقم: 154193.
والله أعلم.