الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعلماء مختلفون في حكم إطعام الحيوان المأكول شيئا من النجاسة، فمنهم من قال بالكراهة كما هو قول الشافعية.
قال في أسنى المطالب: (وَيَعْلِفُ) جَوَازًا (الْمُتَنَجِّسَ دَابَّتَهُ) لِخَبَرٍ صَحِيحٍ فِيهِ، أَمَّا نَجَسُ الْعَيْنِ فَيُكْرَهُ عَلَفُهَا بِهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ عَنْ فَتَاوَى صَاحِبِ الشَّامِلِ فِي الْمَأْكُولَةِ. انتهى.
وعن الإمام أحمد رحمه الله روايات في المسألة بينها صاحب الإنصاف فقال: يجوز له أن يَعْلِفَ النَّجَاسَةَ الْحَيَوَانَ الَّذِي لَا يُذْبَحُ، أَوْ لَا يُحْلَبُ قَرِيبًا. نَقَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ، وَابْنُ الْحَكَمِ. وَاحْتَجَّ بِكَسْبِ الْحَجَّامِ وَبِاَلَّذِينَ عَجَنُوا مِنْ آبَارِ ثَمُودَ، وَنَقَلَ جَمَاعَةٌ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: تَحْرِيمَ عَلْفِهَا مَأْكُولًا. وَقِيلَ: يَجُوزُ مُطْلَقًا كَغَيْرِ مَأْكُولٍ عَلَى الْأَصَحِّ. وَخَصَّهُمَا فِي التَّرْغِيبِ بِطَاهِرٍ مُحَرَّمٍ، كهر. انتهى. ولعل الراجح إن شاء الله هو المعتمد في مذهب الحنابلة، وهو جواز علف النجس مأكول اللحم إذا كان لا يذبح قريبا، وأما إذا كان يذبح قريبا فيحرم علفه النجس لئلا يصير جلالة وأكلها محرم على المذهب.
قال في كشاف القناع: (ويجوز أن تعلف النجاسة الحيوان الذي لا يذبح) قريبا (أو لا يحلب قريبا). قال في المحرر أحيانا. قال شارحه: لأنه يجوز تركها في الرعي على اختيارها، ومعلوم أنها تعلف للنجاسة. انتهى.
قال في المبدع: ويحرم علفها نجاسة إن كانت تؤكل قريبا أو تحلب قريبا وإن تأخر ذبحه أو حلبه، وقيل بقدر حبسها المعتبر جاز في الأصح كغير المأكول على الأصح فيه. انتهى.
وعليه؛ فلا حرج عليك إن شاء الله في استعمال هذا الدجاج النافق في إطعام تلك الأسماك شريطة أن تكف عن علفها به قبل بيعها بمدة كافية لطيب لحمه وزوال أثره عنه، فإن الجلالة متى زال عنها أثر النجاسة حلت بالاتفاق.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: الجلالة التي تأكل النجاسة قد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن لبنها، فإذا حبست حتى تطيب كانت حلالا باتفاق المسلمين ; لأنها قبل ذلك يظهر أثر النجاسة في لبنها وبيضها وعرقها فيظهر نتن النجاسة وخبثها، فإذا زال ذلك عادت طاهرة، فإن الحكم إذا ثبت بعلة زال بزوالها. انتهى.
والله أعلم.