الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلمي أن الإسلام دين عدل ورحمة، لأنه منزل من الرب العدل العليم، والحكيم الرحيم، فهو أعلم بخلقه وما يصلحهم ويصلح لهم من تشريع، قال تعالى: أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ . [الملك:14 ]. وقال أيضا: أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ. [الأعراف:54 ]. فهو يحكم لا معقب لحكمه، ويقضي ولا راد لقضائه. ويجب على المسلم التسليم له في أحكامه بحيث لا يكون في قلبه حرج تجاهها، قال تعالى: فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا. [النساء:65 ].
فما جاء به الخبر الصادق عن الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وجب تصديقه، فالحديث الذي أشرت إليه أولا قد رواه الترمذي عن معاذ بن جبل - رضي الله عنه - : أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال : لا تؤذي امرأة زوجها في الدنيا إلا قالت زوجته من الحور العين : لا تؤذيه ، قاتلك الله ، فإنما هو دخيل عندك ، يوشك أن يفارقك إلينا. وقد صححه الشيخ الألباني. وغيره. والحديث الآخر رواه البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال: إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت أن تجيء لعنتها الملائكة حتى تصبح.
وأما ما ذكرت عن الرجل الأول من أنه قد طلق زوجته الأولى بسبب صوت الملعقة، وأنه أمر الثانية بتحريك السكر في الشاي الساخن بإصبعها - إن صح ذلك عنه - فهو مما يدل على قبح طبعه وسوء خلقه، وفعله هذا يتنافى مع حسن العشرة مع الزوجة والذي أمر به الرب عز وجل في كتابه حيث قال سبحانه: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ. [النساء:19 ] .
وما ذكرناه بخصوص هذا الرجل نقوله في زوج عمتك - إن كان ما نسبت إليه واقعا فعلا - وهو أنه صاحب خلق سيئ فكيف يطرد امرأة ضعيفة، أهلها بعيدون عنها ويأمرها بأن تبيت خارج البيت، فهذا ظلم وإثم مبين. فهو مطالب شرعا بأن يعاشرها بمعروف أو يفارقها بإحسان لا بالطرد من البيت ونحو هذا.
وأما السؤال عن ماذا ستقوله الملائكة فيما فعله أولئك الرجال فليس لنا سبيل إلى جوابه؛ لأنه من المغيبات، ومثله لا يثبت إلا بالدليل الشرعي.
وبالنسبة لما ذكرت من أنك تعشقين الشباب الذين هم على الحال الذي وصفت، فإن كنت صادقة فيما تقولين فإننا قبل أن نتكلم عن الجنة وما إذا كان من الممكن أن تجتمعي معهم فيها ننصحك بالبحث عن علاج لنفسك بمقابلة طبيب متخصص في علاج الأمراض النفسية، ونحن لا نسخر منك بهذا الكلام حاشا وكلا وإنما الواقع أن من كان هذا حاله فإنه مريض نفسيا.
وأما الجنة دار الطيب والسلام فإنما يدخلها المسلمون المكلفون الذين أطاعوا الله في أوامره واجتنبوا نواهيه قال تعالى: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا. [الأحزاب:35 ]. وقال أيضا عز وجل: إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا. [الكهف:107 ]. فهل شبابك هؤلاء من هذا الصنف من الناس.
وفي الختام فإنا ننصحك بالابتعاد عن مثل هذه الأفكار.
والله أعلم.