الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي نص عليه الفقهاء القائلون بمشروعية الأذان الأول للجمعة وهم الجمهور هو أن وقته يكون عند الزوال قبل خروج الإمام، وعللوا ذلك بأنه يكون للإعلام بدخول الوقت، والأذان الثاني يكون بين يدي الخطيب حين يجلس على المنبر، ففي شرح أبي داود للعيني: قال القاضي عبد الوهاب في المعونة: للجمعة أذانان، أحدهما عند الزوال، وهو الذي أُحْدث في زمن عثمان لما كَثُرَ الناس، واحتيج إلى زيادة في إعلامهم، والآخر عند جلوس الإمام على المنبر. انتهى.
وفي الشرح الكبير لابن قدامة: والنداء الأول مستحب في أول الوقت، سنه عثمان ـ رضي الله عنه ـ وعملت به الأمة بعده وهو للإعلام بالوقت، والثاني للإعلام بالخطبة، والثالث للإعلام بقيام الصلاة. انتهى.
وقال الحافظ في الفتح: وتَبَيَّنَ بِمَا مَضَى أَنَّ عُثْمَانَ أَحْدَثَهُ لِإِعْلَامِ النَّاسِ بِدُخُولِ وَقْتِ الصَّلَاةِ قِيَاسًا عَلَى بَقِيَّةِ الصَّلَوَاتِ فَأَلْحَقَ الْجُمُعَةَ بِهَا وَأَبْقَى خُصُوصِيَّتَهَا بِالْأَذَانِ بَيْنَ يَدَيِ الْخَطِيبِ. انتهى.
ومن العلماء من يرى أنه يؤذن بهذا الأذان قبل الزوال قياسا على أذان الفجر الأول الذي يكون في آخر الليل وليتمكن الناس من التأهب للخطبة والحضور قبل الإمام، لأن المشروع له أن يحضر عند زوال الشمس، قال الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله: فالأذان الأول يكون قبل مجيء الإمام بنحو ساعة أو خمس وأربعين دقيقة أو ما أشبه ذلك. انتهى.
والذي يبدو لنا أن الأمر واسع ـ إن شاء الله ـ وأن المقصود أن يحصل الأذان الأول قبل خروج الإمام بزمن يكفي لتأهب الناس للجمعة.
والله أعلم.