الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فهذا الحديث قد رواه الحاكم في موضع آخر من المستدرك من وجه آخر عن عوف بن مالك، بلفظ: وَالسَّادِسَةُ هُدْنَةٌ تَكُونُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ بَنِي الْأَصْفَرِ فَيَجْتَمِعُونَ لَكُمْ قَدْرَ حَمْلِ امْرَأَةٍ، ثُمَّ يَغْدِرُونَ بِكُمْ ـ وبنحو ذلك رواه الداني في السنن الواردة في الفتن والطبراني في المعجم الكبير، وأبو نعيم في معرفة الصحابة.
وعلى هذا، فمعنى الحديث أن قدر المدة التي يجتمع فيها الروم تكون كقدر حمل المرأة، وهي تسعة أشهر، وللحديث شاهد ينص على هذا، رواه الإمام أحمد في مسنده من حديث عبد الله بن عمرو، ولفظه: وهدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر يجمعون لكم تسعة أشهر كقدر حمل المرأة.
وأما عبارة: مَنْ أَدْرَكَ مِنْهُنَّ شَيْئًا ثُمَّ اسْتَطَاعَ أَنْ يَمُوتَ فَلْيَمُتْ ـ فليس معناها كما فهم الأخ السائل، وإنما هي لبيان كثرة الشرور والفتن وشدة البلاء وغلبة الفساد على هذا الزمان، حتى يتمنى الموتَ أهلُ الخير والصلاح، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول: يا ليتني مكانه. متفق عليه.
وفي رواية لمسلم: والذي نفسي بيده لا تذهب الدنيا حتى يمر الرجل على القبر فيتمرغ عليه ويقول: يا ليتني كنت مكان صاحب هذا القبر وليس به الدين إلا البلاء.
وكذلك عبارة: وَيُصْبِحُ الْعَبْدُ لا يَدْرِي أَضَالٌّ هُوَ أَمْ مُهْتِدٍ؟ تدور في هذا الفلك، فإن من أشراط الساعة الثابتة: قلة العلم وظهور الجهل وموت العلماء، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أشراط الساعة أن يقل العلم ويظهر الجهل. متفق عليه.
ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم: 154963.
ولا شك أن ذلك مما يوقع في الاضطراب والحيرة، فتعرض للمرء عندها أمور وأحوال لا يدري ما وجه الصواب فيها، فلا يعلم أمهتد هو أم ضال.
والله أعلم.