الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجب على زوجك أن يعطي والديه أو إخوته ما يجحف بماله أو ما يزيد عن حاجاتهم الأصلية، إلا أن يتبرع بذلك برا بوالديه وصلة لرحمه وأنعم به من عمل صالح، لكن السعي في بناء بيت للأولاد هو أيضا من الأعمال الصالحة التي يرجى بها الأجر.
قال ابن مفلح: اعْلَمْ أَنَّ الْمَسْكَنَ لَا بُدَّ لِلْإِنْسَانِ مِنْهُ فِي الْجُمْلَةِ فَيَجِبُ تَحْصِيلُهُ لِنَفْسِهِ وَلِمَنْ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُ، وَمِثْلُ هَذَا يُعَاقَبُ عَلَى تَرْكِهِ وَيُثَابُ عَلَى فِعْلِهِ، وَمَوْتُهُ عَنْهُ كَبَقِيَّةِ مَالِهِ الْمُخَلَّفِ عَنْهُ لِوَرَثَتِهِ يُثَابُ عَلَيْهِ. قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لِسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: إنَّكَ إنْ تَدَعْ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. الآداب الشرعية.
وقال النووي في شرح حديث سعد: وفي هذا الحديث حث على صلة الأرحام والاحسان إلى الأقارب والشفقة على الورثة وأن صلة القريب الأقرب والاحسان إليه أفضل من الأبعد. شرح النووي على مسلم.
وعلى ذلك فلا مانع من مناصحتك لزوجك برفق وحكمة بالموازنة بين إنفاقه على أهله فيما يزيد عن حاجتهم و بين ادخار شيء من المال لبيته وأولاده.
وننبه إلى أنّ من محاسن أخلاق الزوجة وطيب عشرتها لزوجها إحسانها إلى أهله وتجاوزها عن زلاتهم، وإعانته على بر والديه وصلة رحمه، و ذلك مما يزيد من محبة زوجها واحترامه لها، وهو من حسن الخلق الذي يثقّل الموازين يوم القيامة، واعلمي أن إكرامك لأم زوجك وإظهار المودة لها رغم ما تجدينه من كراهية لبعض أفعالها ليس من النفاق، وإنما هو من حسن الخلق وكرم الطبع، وراجعي الفتوى رقم : 26817.
والله أعلم.