الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالذي اتضح من السؤال هو أن العامل اتفق مع رب العمل على أن يدفع إليه قيمة غدائه كل يوم على أن ذلك من جملة أجرته.. وإذا كان كذلك فلا يخلو الأمر إما أن تكون قيمة الغداء محددة بمبلغ معين يدفعه إليه كل يوم وحينئذ لا إشكال في جواز ذلك، وإما أن تكون قيمة الغداء غير محددة بمبلغ معين وحينئذ تكون الأجرة مجهولة، وإذا كانت الجهالة يسيرة لا تؤدي إلى المنازعة فلا بأس وهذا هو المتبادر في مثل هذا، وإلا يكن الأمر كذلك لم يجز، ويجب تصحيح العقد، وللعامل قبل التصحيح أجرة المثل، جاء في الموسوعة الفقهية: َيَجِبُ الْعِلْمُ بِالأَْجْرِ، لِقَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنِ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَلْيُعْلِمْهُ أَجْرَهُ، وَإِنْ كَانَ الأَْجْرُ مِمَّا يَثْبُتُ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَالْمَكِيلاَتِ وَالْمَوْزُونَاتِ وَالْمَعْدُودَاتِ الْمُتَقَارِبَةِ فَلاَ بُدَّ مِنْ بَيَانِ جِنْسِهِ وَنَوْعِهِ وَصِفَتِهِ وَقَدْرِهِ، وَلَوْ كَانَ فِي الأَْجْرِ جَهَالَةٌ مُفْضِيَةٌ لِلنِّزَاعِ فَسَدَ الْعَقْدُ، فَإِنِ اسْتُوْفِيَتِ الْمَنْفَعَةُ وَجَبَ أَجْرُ الْمِثْل، وَهُوَ مَا يُقَدِّرُهُ أَهْل الْخِبْرَةِ. انتهى.
وأما أخذه لقيمة الغداء وعدم صرفها في الأكل فعلا فينظر في الاتفاق بين العامل ورب العمل هل هو على أن يدفع رب العمل قيمة الطعام إلى العامل سواء أكل أو لم يأكل وإن كان كذلك فيجوز له أن يأخذ قيمة الطعام ويدخرها ولو لم يأكل، وأما لو كان الاتفاق هو أن رب العمل يدفع إلى العامل قيمة ما أكله فعلا فلا يجوز له أن يتحايل عليه ويأخذ قيمة غداء لم يأكله ليدخرها.
والله أعلم.