الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الوصية مشروعة بالكتاب والسنة وإجماع الأمة، قال الله تعالى: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ [النساء:12]. وفي الصحيحين عن سعد بن أبي وقاص -رضي الله عنه- قال: قلت: يا رسول الله، أنا ذو مال كثير، ولا يرثني غير ابنة واحدة، أفأتصدق بثلثي مالي؟ قال: لا. قلت: أفأتصدق بشطره؟ (نصفه). قال: لا. قلت: أفأتصدق بثلثه؟ قال: الثلث، والثلث كثير، إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير لك من أن تذرهم عالة يتكففون الناس.
وموافقة الورثة على الوصية لا تشترط لا قبل الوفاة ولا بعدها ما دامت الوصية في حدود الثلث أو دونه.
ويوضح هذا حديث آخر عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن الله تعالى تصدق عليكم بثلث أموالكم عند وفاتكم زيادة لكم في أعمالكم. وفي رواية: في حسناتكم. قال ابن حجر: ضعيف، وله طرق يقوي بعضها بعضاً.
أما إذا تجاوزت الوصية الثلث، فلابد لإنفاذ ما زاد على الثلث من موافقة الورثة.
وننبه هنا إلى أن الورثة الذين تعتبر موافقتهم هم الورثة البالغون الرشداء، أما غير البالغين الرشداء، فلا يجوز التصرف في حقهم بما ليس فيه مصلحة لهم، ولا تعتبر موافقتهم لو وافقوا.
والله أعلم.