الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما تقوم به من شراء السلع للشركة أوغيرها تعتبر وكيلا فيه وليس لك أن تزيد في السعر لتأخذ الفارق لنفسك ويلزمك أن تخبر المشتري بحقيقة الثمن وترد الزائد، كما بينا في الفتوى رقم : 77162 .
ما لم تشترط على الشركة أو من يوكلك في شراء السلع له أنك ستأخذ الفارق لنفسك ويأذن لك في ذلك وإلا فإن الزائد من الثمن يكون لصاحبه لا لك، لما ثبت من حديث عروة بن الجعد البارقي: أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه دينارا يشتري له به شاة، فاشترى له به شاتين، فباع إحداهما بدينار وجاءه بدينار وشاة، فدعا له بالبركة في بيعه. رواه البخاري.
وعند أحمد: فقلت يارسول الله: هذا ديناركم وهذه شاتكم.
فدل على أنه لا يملك الزيادة، وإنما هي لمن وكله في البيع أو الشراء، قال صاحب الكفاف ـ وهو من علماء المالكية:
وإن يزد فالزيد للموكِّل * لا لوكيله الذي لم يعدل.
وأما مسألة قيامك بالدعم الفني لمن لم يجددوا اشتراكهم مع الشركة فإن كان ذلك الدعم والخدمات التي تقدمها خارج وقت دوامك الرسمي مع الشركة فلا حرج عليك فيه وأخذ أجرة مقابله، وأما في وقت دوامك الرسمي فليس لك ذلك، لأن وقت الموظف أثناء دوامه ملك لجهة عمله، وبناء على ما سبق بيانه، فإن كان بيدك مال للشركة أوغيرها فيلزمك أن تعيده إلى صاحبه، لحديث: على اليد ما أخذت حتى تؤديه. رواه الترمذي.
وليس لك التصدق به أوالتخلص منه ما دمت تستطيع إيصاله إلى مستحقه، وإذا أذنت لك الشركة أن تدفعه ثمنا للسجل التجاري ونحوه فلا حرج، لأن المال مالها والتصرف فيه يكون برضاها، لكن إن تعذر إيصاله بطرق غير مباشرة أو خشيت ضررا محققا فلا بأس من أن تسدده على النحو المذكور عملا بالمستطاع.
واعلم أنه ليس لك على الشركة إلا ما تم التعاقد عليه من راتب وحقوق وإن كانت دون ما تريده فالعقد شريعة المتعاقدين فلا يزين لك الشيطان الاعتداء على مالها بحجة أن راتبك أقل من أمثالك إلخ، وما ذكرته من قصة زوجة أبي سفيان إنما هو في الحق الثابت الذي جحد أو منع صاحبه منه، وانظر ضوابطه في الفتوى رقم : 28871 .
والله أعلم.