الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمما لا ريب فيه أن ما أقدمت عليه خطأ جسيم وذنب عظيم، لأنه كذب وخداع، وهما من صفات المنافقين، ولا يطبع المؤمن على الكذب، ومما جاء في بيان خطورة الكذب ما ثبت في الصحيحين من حديث ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إياكم والكذب، فإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذابا.
وفيهما أيضا عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ثلاث من كن فيه فهو منافق وإن صام وصلى وقال إني مسلم: إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف وإذا اؤتمن خان.
وفي الموطأ أنه قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أيكون المؤمن جباناً؟ فقال: نعم، فقيل له: أيكون المؤمن بخيلا؟ً فقال: نعم، فقيل له: أيكون المؤمن كذاباً؟ فقال: لا.
وقد أحسنت بالندم على ما مضى، وإقلاعك عن هذا الذنب في الحال، واحرص على العزم على عدم العود إلى مثله مستقبلا لتستكمل شروط التوبة فتكون قد تبت توبة خالصة، وراجع الفتوى رقم: 5450، ففيها بيان شروط التوبة.
ولكن هل يجب عليك استسماحه؟ الراجح من كلام أهل العلم أن هذا النوع من الذنوب يكفي فيه أن يستغفر لصاحبه وأن يدعو له بخير، لأن إخباره يترتب عليه ضرر أكبر في الغالب فيزداد غما على غم وتحصل قطيعة بينهما، وهذا يتنافى مع مقاصد الشرع، وراجع تفصيل المسألة بالفتوى رقم: 127572.
ونوصيك بأن تحسن الظن بربك وتتذكر سعة رحمة الله تعالى، وأنه غفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى، فلا تقنط من رحمته ولا تيأس من روحه، فلا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون، ولمزيد الفائدة راجع الفتويين رقم: 1882 ورقم: 134323.
والله أعلم.