الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمستقيم على شرع الله أو ما يسمى عند كثير من الناس بالملتزم هو من حافظ على أوامر الله فلم يتركها، وعلى حدود الله فلم يتعدها، وعلى نواهي الله فلم يرتكبها، وأصل ذلك العلم بما أوجبه الله وفرضه على عباده، وما حرمه عليهم ونهاهم عنه، فعلى المسلم إن أراد الاستقامة على شرع الله أن يتعلم دين الله تبارك وتعالى، ويجتهد في معرفة حدوده وأوامره ونواهيه، فإن الاستقامة لا يتصور حصولها مع الجهل بأحكام الشرع، ثم ليتبع المسلم العلم والعمل، فإذا علم لله تعالى أمرا حمل نفسه على فعله، وإذا علم له نهيا حمل نفسه على تركه، فيفعل الواجبات دون تقصير فيها، ويفعل ما يتيسر له ويقدر عليه من المستحبات ويترك المحرمات دون تساهل في شيء منها، ويجتهد في ترك المكروهات، وكلما ارتكب ذنبا من فعل محرم أو ترك واجب بادر بتداركه بتوبة نصوح، ولا يزال كذلك مستحضرا اطلاع الله عليه ومراقبته له غير مستهين بنظره إليه، جاهدا في إصلاح قلبه الذي هو محل نظر الرب تعالى من العبد، فيملؤه بحب الله تعالى والخوف منه ورجائه والشوق إليه والإنابة إليه والتوكل عليه، ويقطع عنه التعلق بالدنيا والإخلاد إلى الشهوات، فهذا الذي اجتهد في إصلاح قلبه وجوارحه وضبط ذلك كله بالشرع هو المستقيم حقا، وسبيله في ذلك كما ذكرنا الاجتهاد في تعلم العلم النافع ومصاحبة أهل الخير والصلاح من المستقيمين، فإن مصاحبتهم من أعون شيء على السير في هذا الطريق، نسأل الله أن يرزقنا جميعا الاستقامة على شرعه.
والله أعلم.