الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كانت هذه البقعة البنية مما يحتمل حدوثه قبل الطواف أو بعده فالأصل أنها إنما خرجت بعد الطواف، لأن ما احتمل الحدوث في زمنين أضيف إلى أقربهما، وعليه فيكون طوافك للإفاضة صحيحا وتكونين قد تحللت التحللين جميعا، وانظري الفتوى رقم: 144325 وأما إذا تيقنت من خروج هذه البقعة البنية قبل الطواف أو في أثنائه، فإن كانت في مدة العادة وخرج بعدها من الدم ما يبلغ مجموعه يوما وليلة فهي حيض وإلا فلا، وعلى كل فما دمت قد استفتيت من أفتاك بأن هذه القطرة حيض وسؤالك إنما هو متعلق بما يحل لزوجك منك لكونك لم تتحللي التحلل الثاني، فاعلمي أن العلماء متفقون على حرمة الجماع قبل التحلل الثاني ومختلفون في المباشرة ونحوها بعد التحلل الأول وقبل الثاني فمنعها أكثرهم وأباحها بعضهم.
قال النووي في شرح المهذب: قَالَ أَصْحَابُنَا وَيَحِلُّ بِالتَّحَلُّلِ الْأَوَّلِ فِي الْحَجِّ اللُّبْسُ وَالْقَلْمُ وَسَتْرُ الرَّأْسِ وَالْحَلْقُ إنْ لَمْ نَجْعَلْهُ نُسُكًا بِلَا خِلَافٍ، وَلَا يَحِلُّ الْجِمَاعُ إلَّا بِالتَّحَلُّلَيْنِ بِلَا خِلَافٍ، وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ لَا يَطَأَ حَتَّى يَرْمِيَ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ، وَفِي عَقْدِ النِّكَاحِ وَالْمُبَاشَرَةِ فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ بِشَهْوَةٍ كَالْقُبْلَةِ وَالْمُلَامَسَةِ قَوْلَانِ مَشْهُورَانِ. قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ نَصَّ عَلَيْهِمَا الشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ (أَصَحُّهُمَا) عِنْدَ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ لَا يَحِلُّ إلَّا بِالتَّحَلُّلَيْنِ (وَأَصَحُّهُمَا) عِنْدَ الْمُصَنِّفِ -يعني الشيرازي- وَالرُّويَانِيِّ يَحِلُّ بِالْأَوَّلِ. انتهى.
والذي نرى أن الاحتياط هو أن يتجنب زوجك مباشرتك حتى تطوفي بالبيت وتسعي إن كان لزمك السعي خروجا من الخلاف واحتياطا للدين.
والله أعلم.