الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه يشرع التعامل الحسن مع هؤلاء والسلام عليهم، فإن ذلك أدعى لألفتهم لك وسماعهم نصحك لعل الله يهديهم بك. ففي الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل أي الإسلام خير؟ فقال: تطعم الطعام، وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف. رواه البخاري.
والنبي صلى الله عليه وسلم كان حسن الأخلاق مع الناس، وكان يبتسم في وجوه الناس ويخالقهم بالتي هي أحسن ويحض على ذلك، فقال لمعاذ: اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن. رواه الترمذي. وكان لا يمنعه من المخالقة الحسنة ولين القول للناس كونهم غير مرضيين أخلاقيا أو دينيا، فقد ذكرت أم المؤمنين عائشة: أنه استأذن عليه رجل فقال: ائذنوا له، فبئس ابن العشيرة، فلما دخل ألان له الكلام، فقلت له يا رسول الله قلت ما قلت ثم ألنت له في القول، فقال: أي عائشة إن شر الناس منزلة عند الله من تركه الناس اتقاء فحشه. متفق عليه. وقد ذكر أصحاب السير في أخلاقه صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يطوي بشره عن أحد.
وقد ذكر العيني في شرح البخاري عند شرح قول أبي الدرداء: إنا لنكشر في وجوه أقوام وإن قلوبنا لتلعنهم: ذكر أنه تشرع المداراة وهي لين الكلمة وترك الأغلاظ لهم في القول وهي من أخلاق المؤمنين.
هذا وينبغي لك السعي في هدايتهم ودعوتهم بالتي هي أحسن وعدم الرضى بما هم عليه وحضهم على الطاعات والصلوات، وينبغي أن يكون ذلك بالقول اللين الحسن عملاً بقوله تعالى: وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً {البقرة:83}، وبقوله: فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى {طه:44}، وقوله: ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ {النحل:125}،
وإن لم يستجيبوا لك فيشرع الهجر إذا رجي نفعه وتأثيره على المهجور، وإلا فلا يهجر بل يصبر على السعي في هدايته، كما صبر الأنبياء قديما على أقوامهم يدعونهم إلى الله، ومنهم نوح الذي صبر ألف سنة إلا خمسين عاما يواصل دعوة قومه ليلا ونهارا سرا وجهارا.
وراجع الفتوى رقم: 116397.
والله أعلم.