الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للرجل الزواج من بنت زوجته المتوفاة أو المطلقة إذا كانت الوفاة أو الطلاق بعد الدخول ولو لم تكن بنت الزوجة قد تربت في حجره، وهذا التحريم عليه أكثر أهل العلم وهو الصحيح عند الحنابلة، وفي رواية لهم أن الربيبة لا تحرم على زوج أمها إلا إذا كانت قد تربت في حجره، لكنها رواية ضعيفة في المذهب، جاء في الإنصاف للمرداوي الحنبلي: ظاهر قوله: والربائب وهن بنات نسائه اللاتي دخل بهن ـ أنه سواء كانت الربيبة في حجره أو لا، وهو صحيح وهو المذهب وعليه جماهير الأصحاب، وقيل: لا تحرم إلا إذا كانت في حجره، اختاره ابن عقيل، وهو ظاهر القرآن. انتهى.
وجاء في الفتاوى الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيمية: ويحرم بنت الربيبة، لأنها ربيبة، وبنت الربيب أيضا نص عليهما الإمام أحمد في رواية صالح. انتهى.
وروي عن علي وعمر ـ رضي الله عنهما ـ أنهما رخصا في نكاحها إذا لم تكن قد تربت في حجر زوج أمها، وهو مذهب الظاهرية، جاء في فتح الباري لابن حجر: والاثر صحيح عن علي وكذا صح عن عمر أنه أفتى من سأله إذ تزوج بنت رجل كانت تحته جدتها ولم تكن البنت في حجره أخرجه أبو عبيد، وهذا وإن كان الجمهور على خلافه فقد احتج أبو عبيد للجمهور بقوله صلى الله عليه وسلم: فلا تعرضن علي بناتكن ـ قال نعم ولم يقيد بالحجر، وهذا فيه نظر لأن المطلق محمول على المقيد ولولا الإجماع الحادث في المسألة وندرة المخالف لكان الأخذ به أولي، لأن التحريم جاء مشروطا بأمرين أن تكون في الحجر وأن يكون الذي يريد التزويج قد دخل بالأم فلا تحرم بوجود أحد الشرطين.
وفي الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين: فربيبة الزوج اشترط الله تعالى فيها شرطين:
الأول: أن تكون في حجر الزوج.
الثاني: أن يكون قد دخل بأمها.
هذان الشرطان ذكر الله تعالى مفهوم أحدهما، ولم يذكر مفهوم الآخر، فقال: فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ [النساء: 23] ولم يقل: وإن لم يكُنَّ في حجوركم فلا جناح عليكم، فصرح بمفهوم القيد الثاني، وهو قوله: اللاَّتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} وسكت عن مفهوم الأول، فيستدل بهذا على أن القيد الأول غير معتبر، وأكثر العلماء على ذلك، وإن كان هناك قول للسلف والخلف أنه شرط، ولكننا نقول: ليس بشرط، لأن الله تعالى صرح بمفهوم القيد الثاني، فدل ذلك على أن مفهوم القيد الأول غير معتبر. انتهى.
وراجع المزيد في الفتوى رقم: 143213.
والله أعلم.