الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد :
فنظرا لطول السؤال فإن جوابنا يتلخص في النقاط التالية:
أولا : بالنسبة لصاحب السلس إن علم أنه لو صلى قاعدا انقطع سلسه بخلاف ما لو صلى قائما، فإنه والحالة هذه يصلي قاعدا على القول الأصح.
جاء في الإقناع من كتب الشافعية: لو كان به سلس بول لو قام سال بوله وإن قعد لم يسل فإنه يصلي من قعود على الأصح بلا إعادة. اهــ .
وقال الشيخ الخرشي في شرحه لمختصر خليل المالكي: يجب بفرض قيام إلا لمشقة أو خوف ضرر أو خروج ريح بالقيام والأمن من ذلك بالقعود فيصلي قاعداً، قاله ابن عبد الحكم؛ إذ المحافظة على الشرط الواجب في كل العبادة أولى من المحافظة على الركن الواجب في الجملة. اهــ
ثانيا : إذا كان لا يدري هل ينقطع الخارج إذا صلى جالسا أم لا فإنه يصلي قائما لأن القيام في الفريضة فرض ولا يسقط لأمر مشكوك فيه .
ثالثا: المصاب بانفلات الريح الذي لا يجد في أثناء وقت الصلاة زمنا ينقطع فيه الريح يتسع لفعلها بطهارة صحيحة، فالواجب عليه هو أن يتوضأ لكل صلاة بعد دخول وقتها، ويصلي بوضوئه ذاك الفرض وما شاء من النوافل. وانظر لبيان ضابط الإصابة بالسلس ومنه سلس الريح في الفتوى رقم: 119395. فإذا فعل ما عليه وأدى ركوعه أو سجوده إلى خروج الريح.. أو رفع قدمه في الوضوء للمغسلة ليغسلها وأدى ذلك لخروج الريح فلا شيء عليه في ذلك ولا إعادة.
رابعا : لا يطالب صاحب السلس بالامتناع عن الطعام أو الشراب لأن في هذا ضررا عليه، ولكن لو فرض أنه لو امتنع عن تناول نوع معين من المطعومات أو المشروبات لانقطع سلس الريح، فإنه ينبغي تجنب تلك المطعومات والمشروبات إذا لم يترتب على تجنبها ضرر، مراعاة لقول من قال من الفقهاء إن السلس إذا أمكن علاجه كان ناقضا للوضوء.
قال في منح الجليل عند قول خليل في مختصره في الفقه المالكي وهو يعطف على ما ينقض الوضوء : كسلس مذي قدر على رفعه (أي) بتداوٍ أو صوم لا يشق عليه، أو تزوج أو تسر ويغتفر له زمن التداوي والخطبة والشراء... إلى أن قال: ولا مفهوم لمذي إذ كل سلس قدر على رفعه ناقض مطلقاً ... اهـ .
وهذا لا يعني أنه يطالب بالتقليل من الطعام والشراب إلى حد الضرر أو المشقة كما وقع للسائل.
خامسا : إذا صلى صاحب السلس في الوقت ثم انقطع الخارج بعد خروج الوقت أو قبل خروجه فإنه لا يطالب بإعادة تلك الصلاة.
ونحسب أن ما ذكرناه يكفي لجميع ما أثاره السائل، مع تحذيرنا له من الوسواس في هذا الأمر فإن له أسئلة سابقة تشم منها رائحة الوسوسة في موضوع السلس وانتقال النجاسة ونحو ذلك، وانظر ضابط السلس في الفتوى رقم 119395 وكذا الفتوى رقم: 158907.
والله تعالى أعلم