الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأخذ زوجتك هذا الايصال من جيبك لا يعتبر سرقة بالمعنى الشرعي للسرقة، ولكنه ظلم منها واعتداء بأخذها له بدون إذنك وبإخفائها له عنك، هذا بالإضافة إلى أن كذبها عليك أمر محرم فتجب عليها التوبة واستسماحك، والحلف بالطلاق في حكم الطلاق المعلق، وتعليق الطلاق بصيغة المضارع يقع به الطلاق عند حصول المعلق عليه، كما هو مبين بالفتوى رقم: 110560.
فإذا لم تكن زوجتك قد أعادت الإيصال الأصلي وقع طلاقها.
ولكن بقي النظر في الأيمان السابقة، ومجمل القول فيها أنه إذا وقع منك حنث في اثنتين منها وقعت طلقتان، وبهذه الطلقة الثالثة تكتمل ثلاث طلقات، وبالتالي تكون زوجتك قد بانت منك بينونة كبرى، ولا تكون آثما بمعاشرتها إن كنت تظن بقاءها في عصمتك، وإن وجد أولاد فإنهم يلحقون بك، وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية إلى أن من حلف بالطلاق قاصداً مجرد التهديد أو المنع وحنث فإنه لا يلزمه في ذلك إلا كفارة يمين ولو تكرر ذلك، ما دام لا يقصد بالحلف بالطلاق طلاقاً، وهذا كله فيما إذا حصل حنث في تلك الأيمان، وأما إن لم يحصل فيها حنث فلا تزال زوجة لك، وكذا إن حصل حنث في واحدة منها فهما إذن طلقتان، فتكون الزوجية قائمة.
وثم تنبيه آخر وهو أن يمين الطلاق من أيمان الفساق، وبدعة من البدع، والإكثار منها يدل على عدم المبالاة، وهذا أمر خطير، وأما ما يترتب على ذلك فراجع فيه الفتويين رقم: 3282، ورقم: 58004.
والطلاق مكروه لغير حاجة، فإذا طلق الزوج زوجته لم يكن آثما ولو لم يوجد سبب، ولكن لا ينبغي اللجوء إلى الطلاق حتى تستنفد وسائل الإصلاح، ولذلك جعل الشرع وسائل علاج النشوز في خطوات، والطلاق آخرها، وانظر الفتوى رقم: 1103.
وهجر الزوجة إذا كان لنشوزها لا حرج فيه، ولكن إذا لم تنتفع الزوجة بوسائل الإصلاح المختلفة فينبغي للزوج أن لا يتركها معلقة، فإما أن يمسكها بمعروف أو يفارقها بإحسان.
والله أعلم.