الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يشك أحد له أدنى علم بالسنة وممارسة للحديث في أن هذه القصة من الأباطيل والخرافات التي نسجها الوضاعون المفترون على سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وركاكة ألفاظها وسماجة معناها شاهد بأنها من الكذب الصراح. فلا يجوز لمسلم أن يروج هذه القصة ولا أن ينشرها إلا لبيان بطلانها وأنها مما لا أصل له، ويجب على المسلمين أن يتحروا فيما يروونه عن النبي صلى الله عليه وسلم أن يكون مما رواه الأئمة في كتبهم وصححه علماء الحديث، فإن كذبا على النبي صلى الله عليه وسلم ليس ككذب على غيره وليس ككذب على أحد، وقد تواتر عنه صلوات الله عليه أنه قال: من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار. فلينتبه المسلمون لهذا الأمر الخطير، وليحذروا هذه الخرافات والأباطيل التي يروجها من لا خلاق لهم. وأما كون الشيطان لم ير عمر سالكا فجا إلا سلك فجا غير فجه فهذا ثابت في الصحيح وهذا من أعظم فضائله ومناقبه رضي الله عنه.
قال في المرقاة: قَالَ التُّورِبِشْتِيُّ فِي قَوْلِهِ: مَا لَقِيَكَ الشَّيْطَانُ سَالِكًا، تَنْبِيهٌ عَلَى صَلَابَتِهِ فِي الدِّينِ وَاسْتِمْرَارِ حَالِهِ عَلَى الْجِدِّ الصِّرْفِ، وَالْحَقِّ الْمَحْضِ، حَتَّى كَانَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَالسَّيْفِ الصَّارِمِ وَالْحُسَامِ الْقَاطِعِ، إِنْ أَمْضَاهُ مَضَى، وَإِنْ كَفَّهُ كَفَّ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى الشَّيْطَانِ سُلْطَانٌ إِلَّا مِنْ قِبَلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ هُوَ كَالْوَازِعِ بَيْنَ يَدَيِ الْمَلِكِ، فَلِهَذَا كَانَ الشَّيْطَانُ يَنْحَرِفُ عَنِ الْفَجِّ الَّذِي سَلَكَهُ. انتهى.
والله أعلم.