الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد :
فالوصية المشار إليها معلقة بموت الواقف كما هو الظاهر, وتعليق الوقف بالموت صحيح في قول جمهور أهل العلم وهو المفتى به عندنا، وتأخذ حكم الوصية فينفذ منها ما كان في حدود ثلث التركة، وما زاد على ذلك لا ينفذ إلا برضا الورثة.
جاء في الموسوعة الفقهية: إِذَا قَالَ : إِنْ مُتُّ فَأَرْضِي هَذِهِ مَوْقُوفَةٌ عَلَى الْفُقَرَاءِ ، فَإِنَّ الْوَقْفَ يَصِحُّ ؛ لِأَنَّهُ تَبَرُّعٌ مَشْرُوطٌ بِالْمَوْتِ ، وَيُعْتَبَرُ وَصِيَّةً بِالْوَقْفِ، وَعِنْدَئِذٍ يَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمُ الْوَصِيَّةِ فِي اعْتِبَارِهِ مِنَ الثُّلُثِ كَسَائِرِ الْوَصَايَا، وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ تَعْلِيقِ الْوَقْفِ بِالْمَوْتِ وَاعْتِبَارِهِ وَصِيَّةً أَنَّ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَصَّى فَكَانَ فِي وَصِيَّتِهِ : هَذَا مَا أَوْصَى بِهِ عَبْدُ اللَّهِ عُمَرُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ إِنْ حَدَثَ بِهِ حَدَثُ الْمَوْتِ أَنَّ ثَمْغًا صَدَقَةٌ. [615] وَوَقْفُهُ هَذَا كَانَ بِأَمْرِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاشْتُهِرَ فِي الصَّحَابَةِ وَلَمْ يُنْكَرْ ، فَكَانَ إِجْمَاعًا ... اهــ .
لكن الإشكال في الوصية المشار إليها أنها معلقة أيضا بموت شقيق الموصي وزوجة شقيقه, وهذا تعليق لها بأمد لا يعلم وقد لا يتوقع حدوثه قريبا بعد موت الموصي. وقد ذهب بعض الفقهاء إلى أن التعليق بمثل هذا لا يجوز.
قال البهوتي الحنبلي في كشاف القناع: وَإِنْ عَلَّقَ الْوَصِيَّةَ عَلَى صِفَةٍ بَعْدَ مَوْتِهِ إذَا كَانَ يَرْتَقِبُ وُقُوعَهَا كَقَوْلِهِ أَوْصَيْتُ لَهُ بِكَذَا إذَا مَرَّ شَهْرٌ بَعْدَ مَوْتِي صَحَّ، أَوْ قَالَ وَصَيْتُ لِفُلَانَةَ بِكَذَا إذَا وَضَعَتْ بَعْدَ مَوْتِي صَحَّ التَّعْلِيقُ ... فَإِنْ كَانَتْ الصِّفَةُ لَا يُرْتَقَبُ وُقُوعُهَا بَعْدَ الْمَوْتِ فَفِي التَّعْلِيقِ عَلَيْهَا نَظَرٌ ، وَالْأَوْلَى عَدَمُ جَوَازِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ إضْرَارِ الْوَرَثَةِ بِطُولِ الِانْتِظَارِ لَا إلَى أَمَدٍ يُعْلَمُ ... اهـ.
وعلى هذا ينبغي تعديل صيغة الوصية بحيث لا تعلق على موت أحد بعد موت الموصي؛ لأن هذا تعليق لها بأمد لا يعلم، وينظر أيضا في الدار الموقوفة هل هي تزيد على الثلث أم لا؟ فإن كانت تزيد لم يصح وقف ما زاد على الثلث،، وتعدل الوصية على وفق ذلك.
والله تعالى أعلم.