الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالأصل أنّ الزواج مندوب إليه في الشرع، ومُرَغّب فيه، فلا ينبغي الإعراض عنه دون مسوّغ، لكن تركه جائز غير محرم، إلا لمن يخشى على نفسه الوقوع في الحرام، فيجب عليه الزواج -رجلًا كان أو امرأة-، قال البهوتي -الحنبلي- في شرح منتهى الإرادات: وَيَجِبُ النِّكَاحُ بِنَذْرٍ، وَعَلَى مَنْ يَخَافُ بِتَرْكِهِ زِنًى، وَقَدَرَ عَلَى نِكَاحِ حُرَّةٍ، وَلَوْ كَانَ خَوْفُهُ ذَلِكَ ظَنًّا، مِنْ رَجُلٍ وَامْرَأَةٍ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ إعْفَافُ نَفْسِهِ، وَصَرْفهَا عَنْ الْحَرَامِ، وَطَرِيقُهُ النِّكَاحِ. اهـ.
وقال المرداوي في الإنصاف ـ عند الكلام على أقسام النكاح: حيث قلنا بالوجوب، فإن المرأة كالرجل في ذلك. اهـ.
وعليه؛ فإن كنت لا تخشين على نفسك الوقوع في الحرام، فلا حرج عليك في ترك الزواج رغبة في إعانة أمّك، وحرصًا على رعايتها.
لكن الذي ننصحك به ألا تؤخّري الزواج؛ فإنه يشتمل على مصالح عظيمة، ولا سيما أنّ تكرار رفضك للخطّاب قد يتسبب في إضاعة فرص زواجك تمامًا، فتندمين بعد ذلك، مع العلم أنه يمكنك الجمع بين الزواج وإعانة أمّك وبرّها بما يتيسر لك، وقد يعينك زوجك على برّ أمّك، وانظري الفتوى: 74339.
والله أعلم.