الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن طاعة الوالدين واجبة في المعروف، كما دلت على ذلك الآيات والأحاديث، قال تعالى :وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا {الإسراء:23}، وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحابتي ؟ قال : أمك . قال : ثم من ؟ قال : أمك . قال : ثم من ؟ قال : أمك . قال : ثم من ؟ قال : أبوك. رواه البخاري و مسلم .
ثم إن الذهاب إلى المسجد لأجل صلاة الشروق ليس واجبا، والذهاب إلى الفطور في الحالات العادية يعتبر من المباحات، وكذلك الذهاب إلى الأصدقاء إذا لم يكونوا أصدقاء سوء، وعلى هذا فإن كان لأمك فيما تأمرك به غرض صحيح، كحاجتها إليك في معونة أوخدمة، أو خوف عليك من ضياع وقت، أو من أصدقاء السوء، ونحو ذلك، مما يراعى من المصالح أو يخشى من المفاسد. فتجب طاعتها وامتثال أمرها، ومخالفتها في ذلك تعتبر عقوقا، وإن لم يكن لها غرض صحيح، فيما تأمرك به هنا، فلا تعتبرعاقا إذا لم تذهب إلى المنزل مباشرة بعد الانتهاء من الجامعة، لكن ينبغي مراعاة خاطرها على كل حال، فقد ذكرالعلماء أن وجوب طاعة الوالدين في المباحات والأمورالعادية يعود إلى تقدير المصلحة والمضرة، فإذا أمرا ولدهما بشيء من ذلك منعا أو إيجابا، والمصلحة في مخالفتهما فلا حرج على الولد في عدم امتثال أمرهما، لكن يكون ذلك بلطف وحسن معاملة.
ففي فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء: أما ما يتعلق بطاعتهما في الأمور المباحة والعادية ، ..، فهذا يعود إلى تقدير المصالح والمضار والمقابلة بينها ، فإذا أمر الوالدان ولدهما بشيء من ذلك منعا أو إيجابا ، والمصلحة في مخالفتهما فلا حرج على الولد في ذلك ، بلطف وحسن معاملة ؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم : « أنتم أعلم بأمور دنياكم » ولا يكون الولد عاقا بذلك، وإذا كانت المصلحة راجحة في طاعتهما في شيء من ذلك ففي طاعة الولد لهما الخير والبركة والبر والإحسان، والوالدان هما أولى الناس بنصح ولدهما والحرص على نفعه .انتهى.
ولبيان ضوابط وجوب طاعة الوالدين، انظرالفتوى رقم : 76303.
والله أعلم.