الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمن الأفكار الدخيلة على هذه الأمة فكرة: فصل الدين عن الدولة، والحق الواضح المبين أن الإسلام دين ودولة، عقيدة وشريعة، فهو منهج متكامل للحياة من حيث التصور ومن حيث التصرف، يضبط العلاقة بين الناس على اختلاف توجهاتهم كما يضبط العلاقة بينهم وبين ربهم، ويكفي في ذلك مطالعة كتاب الله تعالى، وسيرة رسوله صلى الله عليه وسلم، خاصة في ما يتعلق بحاكمية الشريعة، وقد سبق لنا الحديث عن نكارة فكرة فصل الدين عن الدولة وبعدها عن هذا الدين، وعن بطلان الفكر العلماني القائم عليها، فراجع في ذلك الفتاوى التالية أرقامها: 2453، 5490، 39564، 100226.
ومنها يتبين خطأ من اعتقد أن العمل السياسي يلوث الإسلام، بل السياسة الشرعية جزء أصيل من الفقه والشريعة الإسلامية والمشاركة في العملية الانتخابية إنما هي إحدى مسائل هذا الباب الهام من الفقه، ومبناها على فقه المصالح والمفاسد، فمتى غلب خيرها على شرها رجح فعلها، ومتى غلب شرها خيرها رجح تركها، ولا شك أن هذا يتفاوت من بلد لآخر، ومن حال إلى حال، ومرد هذا الأمر إلى أهل العلم في كل بلد، فإنهم أدرى بملابسات بلادهم، وقد سبق لنا بيان ذلك، وبيان خلاف أهل العلم في هذا المسألة وترجيح ما نراه راجحا، فراجع في ذلك الفتويين رقم: 18315، ورقم: 5141.
وراجع في بقية ما أشير إليه في السؤال الفتويين رقم: 163601، ورقم: 164595.
والله أعلم.