الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن الخشوع وحضور القلب حال ترديد الأذكار من أعظم ما ينتفع به العبد ويصلح به قلبه، فينبغي أن تحضر قلبك وتجتهد في تدبر ما تتلوه من الأذكار لتقع موقعها وتؤتي ثمرتها من إصلاح القلب، وإذا أتيت بشيء منها بغير تدبر وخشوع فلا بأس أن تعيده مرة أخرى تحصيلا للخشوع ما لم ينفتح عليك بذلك باب الوسوسة، فإذا خشيت الوسوسة وانفتاح بابها فاترك إعادة الذكر واجتهد في التدبر والفهم لما تتلوه، وقد نص الشيخ ابن عثيمين رحمه الله على نظير هذا فجوز تكرار الفاتحة في الصلاة مع أن المذهب كراهة ذلك إذا كان له مقصد صحيح كتحصيل الخشوع.
قال رحمه الله: وكذلك لو قرأها في غير استحضار، وأراد أن يكرِّرها ليحضر قلبه في القراءة التالية، فإن هذا تكرار لشيء مقصود شرعاً، وهو حضور القلب، لكن إن خشيَ أن ينفتح عليه باب الوسواس فلا يفعل، لأن البعض إذا انفتحَ له هذا البابُ انفتح له باب الوسواس الكثير، وصار إذا قرأها وقد غَفَلَ في آية واحدة منها رَدَّها، وإذا رَدَّها وغَفَلَ رَدَّها ثانية، وثالثة، ورابعة، حتى ربما إذا شدَّد على نفسه شَدَّد الله عليه، وربَّما غَفَلَ في أول مرَّة عن آية، ثم في الثانية يغفُلُ عن آيتين، أو ثلاث. انتهى.
وأما قراءة المعوذات فإنا قد بينا في الفتوى رقم 122698 أن المسلم إن شاء قرأها مجتمعة ثم أعادها، وإن شاء قرأ كل سورة ثلاثا، وأما قراءة الآية الواحدة ثلاثا حتى ينهي السورة على هذا الوجه فلم نر من نص على مشروعيته من العلماء، فالأولى اجتنابه وأن تقتصر على ما تدل عليه النصوص كما بيناه في الفتوى المحال عليها، وأما إن كنت تكرر الآية لأجل تحصيل الخشوع والفهم والتدبر فقد مر بك حكم هذا وأنه لا حرج فيه ما لم يجر إلى الوسوسة.
والله أعلم.