الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما رأس المال فلا إشكال فيه إن كان مباحا في الأصل، فيأخذ الورثة نصيبهم منه ويدفع لأبناء شقيق الميت ما وهبهم إياه أيضا. وأما الأرباح الناشئة عن ذلك المال فهي محل النظر، إن كانت الأسهم مشروعة فالأرباح مشروعة وتوزع مع رأس المال، فما كان يخص أبناء شقيق الميت دفع إليهم وما كان من ربح مال الميت قسم على الورثة أيضا، وأما إن كانت الأسهم المذكورة لبنوك ربوية (تجارية ) فأرباحها محرمة، وحينئذ يجب التخلص من تلك الأرباح كلها بدفعها إلى الفقراء والمساكين وصرفها في مصالح المسلمين، وليس للورثة أخذها ولا أبناء الأخ الشقيق إلا أن يكونوا فقراء فيجوز لهم الأخذ منها بقدر حاجتهم ولا يزيد عليها.
قال النووي في المجموع: وإذا دفعه -المال الحرام- إلى الفقير لا يكون حراماً على الفقير بل يكون حلالاً طيباً، وله أن يتصدق به على نفسه وعياله إن كان فقيراً، لأن عياله إذا كانوا فقراء فالوصف موجود فيهم؛ بل هم أولى من يتصدق عليه، وله هو أن يأخذ قدر حاجته لأنه أيضاً فقير. انتهى كلامه.
وأما مجرد موت المورث فلا يطيب المال الحرام للورثة على الراجح.
قال ابن رشد الجد المالكي: وأما الميراث فلا يطيب المال الحرام هذا هو الصحيح الذي يوجبه النظر…
وقال النووي في المجموع: من ورث مالاً ولم يعلم من أين كسبه مورثه أمن حلال أم من حرام؟ ولم تكن علامة فهو حلال بإجماع العلماء، فإن علم أن فيه حراماً وشك في قدره أخرج قدر الحرام بالاجتهاد… انتهى.
وسئل شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى عن رجل مراب خلف مالاً وولداً وهو يعلم بحاله، فهل يكون حلالاً للولد بالميراث أم لا؟ فأجاب: وأما القدر الذي يعلم الولد أنه ربا فيخرجه: إما أن يرده إلى أصحابه إن أمكن، وإلا تصدق به، والباقي لا يحرم عليه، لكن القدر المشتبه يستحب تركه …وإن اختلط الحلال بالحرام وجهل قدر كل منهما جعل ذلك نصفين. انتهى .
وأما عن البنوك في بلدكم فلا يمكننا الحكم عليها كلها بحكم واحد لأن هذا يحتاج إلى الاطلاع على واقعها، ويوجه مثل هذا السؤال إلى العلماء بالبلد نفسه .
والله أعلم.