الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الواجب على المسلم شرعا أن يبغض الكافر لكفره والفاسق لفسقه.. وهو ما تواترت عليه الأدلة وأقوال أهل العلم -كما أشرت- أما المحبة لأسباب طبيعية فإنه لا حرج فيها بدليل أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان يحب عمه أبا طالب بسبب قرابته وإحسانه إليه، وقد نزل فيه قول الله تعالى: إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ.. الآية. كما في صحيح البخاري وغيره. وقد أباح الإسلام الزواج من الكتابيات -على كفرهن- ولم يحرم محبتهن للأسباب العادية بين الزوجين، لكن الذي لا يجوز هو الرضا بالكفر والفسق وموالاة الكفار والفساق على المؤمنين؛ فالكافر يبغض على كفره، والفاسق يبغض بقدر فسقه.
وأما من ابتلي بوالدين كافرين فعليه أن يبرهما ويحسن إليهما في غير معصية كما أمره الله تعالى حيث قال: وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا {العنكبوت:8}،وفي الآية الأخرى: وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا {لقمان:15}، ولذلك فإن البر بالفعل والقول الحسن الذي ليس فيه تول للكفار أو الرضا عن كفرهم لم ينه الله تعالى عنه، بل أمر به كما في عموم قوله تعالى: وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا {البقرة:83}، وفي قوله تعالى: لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ {الممتحنة:8}، وداخل في عموم الأمر بالإحسان إلى الأقارب وغيرهم من الآدميين وغيرهم.
وانظر الفتاوى التالية أرقامها: 151241، 64053، 151831 للمزيد من الفائدة حول هذا الموضوع.
وقد علمت مما ذكر أن ما قررته آخر العرض وبنيت عليه سؤاليك هو تقرير غير صحيح، وفي ذلك ما يكفي للجواب عما سألت عنه.
والله أعلم.