الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الأصل في المسلم إذا ثبت عنده الحكم الشرعي أن يقول سمعنا وأطعنا سواء ظهرت له الحكمة من ذلك أو لم تظهر له، فشأن المسلم التسليم التام والانقياد لحكم الله تعالى مع اليقين الجازم أنه لا بد أن تكون لهذا الحكم حكمة علمها من علمها وجهلها من جهلها، والغناء أنواع منه ما يجوز ومنه ما لا يجوز، وقد بينا ذلك بالتفصيل في جملة من الفتاوى انظر منها الفتاوى التالية أرقامها: 64141، 987، 5282.
كما بينا حكم المؤثرات الصوتية في الفتويين رقم: 125271، ورقم: 118219.
والحكمة من تحريم ما حرم من الغناء والمعازف وما في معناها ظاهرة لمن تأملها وحسبك ما قاله ابن مسعود ـ رضي الله عنه: الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل.
وقول بعض العلماء: لا يجتمع في قلب العبد قرآن الرحمن وقرآن الشيطان وهو الغناء.
ومن تأمل حال المنشغلين بسماع الغناء والمعازف، والمشتغلين به أداءً ومشاركة، وما في مجالسهم من اللغو والفسوق، وما هم عليه من الغفلة عن أداء العبادات، والإعراض عن تفهم القرآن والانتفاع بتلاوته أيقن بوجود الحكمة التامة من وراء تحريم هذا النوع من الغناء، فتجد أحدهم يقضي الساعات تلو الساعات في استماع الغناء، ولا يستطيع الصبر ساعة واحدة يستمع فيها لتلاوة القرآن أو سماع موعظة، وأما قياس تجويد القرآن الكريم وتحسين الصوت به ـ إذا كان بمراعاة أحكام التجويد ومن غير إفراط ولا تكلف ـ على الغناء فإنه قياس مع الفارق، فنصوص الوحي من القرآن والسنة تحثنا على ترتيل القرآن وتحسين الصوت به، لما يستدعيه ذلك من الانتفاع بمواعظه والإنصات له وتدبر معانيه والخشوع لها، ولا يجوز أن يقرأ القرآن للطرب، أو ما يسمى بالتطريب والترجيع بألحان الموسيقى، فقد جاء في الخبر مذمة اتخاذ القرآن مزامير، أخرج الإمام أحمد وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: بادروا بالأعمال خصالا ستا: إمرة السفهاء، وكثرة الشرط، وقطيعة الرحم، وبيع الحكم، واستخفافا بالدم، ونشوا يتخذون القرآن مزامير يقدمون الرجل ليس بأفقههم ولا أعلمهم ما يقدمونه إلا ليغنيهم. صححه الألباني.
والله أعلم.