الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الحديث المذكور حديث صحيح كما قال الترمذي والألباني. والذي عليه أكثر أهل العلم أن ذكر الله تعالى والصلاة على النبي- صلى الله عليه وسلم خارج الصلاة إنما يجب في العمر مرة واحدة، وما زاد على ذلك فهو سنة وفضل.
قال ابن دقيق العيد في إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام: وقد اتفقوا على وجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فقيل: تجب في العمر مرة وهو الأكثر. اهـ
وجاء في حاشية العدوى والفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني "وحكم الصلاة والسلام على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم الوجوب في العمر مرة وكذلك الحمد لله، وما زاد على ذلك فهو مستحب أو سنة، ومما هو واجب في العمر مرة الاستغفار والتهليل والتسبيح والتكبير والتعوذ والحوقلة.. والدعاء للوالدين وللسلف الصالح.."
وقد نظم ذلك بعض الفضلاء فقال:
هاك جميع ما من القول يجب في العمر مرة وما زاد استحب
بسملةٌ حمدلة ٌوالهَـيلـلهْ استغفر الله، كذا والحوقلهْ
والحكم في التسبيح والتكبير كذا، وتعويذ بذا القدير
كذا الصلاة معها السلام على الذي اقتدي به الأنام
لولديك المؤمنين استغفرا حيين أو ميتين ذاك استظهرا
وجوبه في العمر مرة، كما يجب مرة لمن تقدّما
من سلف إن كان صالحا، نقلْ إمامُنا العدوي ذا، فلتمثلْ
وعليه يكون ما ورد في هذا الحديث هو من باب التشديد والتغليظ، أو هو على تقدير أن يصدر من أهل المجلس ما يوجب العقوبة؛ لأن الله تعالى لا يعذب إلا على فعل حرام أو ترك واجب.
جاء في مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح تعليقا على الحديث المذكور: (إلا كان) : أي: ذلك المجلس (عليهم ترة، فإن شاء عذبهم) : أي: بذنوبهم السابقة وتقصيراتهم اللاحقة. وقال الطيبي رحمه الله: دل على أن المراد بالترة التبعة. قال الطيبي، قوله: (فإن شاء عذبهم) من باب التشديد والتغليظ، ويحتمل أن يصدر من أهل المجلس ما يوجب العقوبة من حصائد ألسنتهم... اهـ
وانظر الفتوى: 21892.
والله أعلم.