الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا كان سؤالك محددا -كما قلت- هل يصير المدعي على شخص شاهدا ومدعيا في وقت واحد؟
فالجواب أن المدعي لا يمكن أن يكون شاهدا لنفسه؛ فلا بد له من إقامة البينة العادلة الشرعية، وتكون بشاهدي عدل غير متهمين لما في الصحيحين وغيرهما أن النبي صلى الله عليه سلم قال: لو يعطى الناس بدعواهم لادعى ناس دماء رجال وأموالهم. وفي رواية: ولكن البينة على المدعي واليمين على من أنكر.
وقال ابن عاصم في تحفة الحكام:
................... وحيثما التهمة حالها غلبْ
كحالة العدو والظنينِ والخصمِ والوصيِّ والمدينِ
فمن عنده عداوة أو تهمة.. لا اعتبار لشهادته وخاصة إذا كان هو صاحب الدعوى ويريد أن يشهد لنفسه.
وعلى هذا الشخص أن يترك عنه هذه المماحكات ويستر ما رأى أو سمع.. فمن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخرة كما صح عن النبي- صلى الله عليه وسلم وقال- صلى الله عليه وسلم لرجل يقال له هزّال: يا هزال لو سترته- أي ماعز الذي زنا- بردائك لكان خيرا لك" رواه مالك وأحمد وغيرهما.
وقد بينا في الفتوى التي أشرت أن العلماء قالوا: إذا وجد تسعة وتسعون وجها تشير إلى تكفير مسلم ووجه واحد إلى إبقائه على إسلامه فعلى المفتي والقاضي أن يعملا بذلك الوجه، وذلك لما رُوي أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: ادرءوا الحدود عن المسلمين ما استطعتم فإن وجدتم للمسلم مخرجا فخلوا سبيله، فإن الإمام أن يخطئ في العفو خير له من أن يخطئ في العقوبة. رواه الترمذي وغيره.
ولذلك فإن القاضي لن يستمع لمثل هذه الدعوى.
والله أعلم.