الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس هناك غلط في الفتوى المشار إليها ـ وهي رقم: 9898 ـ فلفظ الحديث عند أكثر مخرجيه هكذا: دعوة الوالد على ولده. وأما لفظ: "دعوة الوالد لولده" فهو لفظ ابن ماجه.
قال أبو الحسن المباركفوري في (مرعاة المفاتيح): قوله "دعوة الوالد" هذه رواية أبي داود، وكذا وقع في رواية لأحمد، ولفظ الترمذي: "دعوة الوالد على ولده" وهكذا وقع في أكثر روايات أحمد وفي رواية الأدب المفرد "دعوة الوالدين على ولدهما" وفي رواية ابن ماجه "دعوة الوالد لولده" وكذا وقع في رواية أبي داود الطيالسي. اهـ.
وهذا مفتاح من مفاتيح علاج الإشكال الذي ذكرته ـ عافاك الله ـ فقد يكون ظن المرء في تخطئة شيء هو الخطأ، وقد يعيب المرء ما ليس معيبا، فهون على نفسك يرحمك الله.
ثم اعلم أن الخلاف بين أهل الحديث في التصحيح والتضعيف قريب من الخلاف بين الفقهاء في الأحكام الشرعية، ففيه متسع للخلاف السائغ، فقد اختلف أهل العلم قديما وحديثا في أُولى لَبِنات الحكم على الأسانيد، وهي الجرح والتعديل، فالراوي الواحد توثقه طائفة وتضعفه أخرى، ناهيك عن الخلاف في السماع والانقطاع، والشذوذ والعلة وغير ذلك. والمقصود أن القطع بصحة أو ضعف كثير من الأحاديث غير متيسر، وعليه فلا ينبغي التعامل مع هذه القضية بالطريقة التي تعاملت بها مع هذه المسألة. ويتأكد هذا في حق الموسوس؛ فإن الوسوسة مرض شديد وداء عضال، والاسترسال معها يوقع المرء في الحيرة والشك المرضي، والضيق والحرج الشرعي، فاطرح هذه الأفكار عن نفسك ولا تسترسل معها، ولا تجعل للشيطان عليك سبيلا. وراجع في ضوابط نشر الأحاديث النبوية في المنتديات، الفتويين: 130525، 131582.
ولا نرى أنه من المناسب أن نقف مع كل جزئية مما ذكرته، لمكان الوسوسة التي تشكو منها. فإنا نود أن تترك هذا التعمق لحين رجوع الأمور إلى طبيعتها وقدرها المقبول، ولا يكون ذلك إلا بالإعراض عن المغالاة والإفراط. ونسأل الله تعالى أن يوفقك لأرشد أمرك، وأن يقيك شر نفسك.
والله أعلم.