الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فليس فيما ذكرته شيء من الكفر، وليس عبد الله بن جحش المذكور في هذه القصة صحابيًا، بل هو أحد الشعراء مات زمن عبد الملك كما ذكر ذلك صاحب الأغاني، وليس في الصحابة من اسمه عبد الله بن جحش إلا اثنان، فأحدهما هو عبد الله بن جحش الأسدي استشهد يوم أحد، والثاني أعمى قيل إنه ابن أم مكتوم، أنزل الله فيهما: لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا {النساء:95}، وانظر الإصابة.
فإذا علمت هذا، فسواء ثبتت هذه القصة أو لم تثبت، فإنها من رواية الأخباريين والمشتغلين بالأدب، ولا يترتب على ثبوتها أو عدمه حكم، على أننا ننبه إلى أن أبا الفرج الأصفهاني صاحب الأغاني قد حمل عليه كثير من العلماء واتهموه فيما يورده ويرويه منهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، ثم الأولى للمسلم أن يشتغل بعلوم الكتاب والسنة وما إليها، ولا بأس في الترويح بشيء من الأدب والأخبار، على أن يتخير الأمثل من هذه الكتب للنظر فيه، فإن فيها الغث الكثير.
والله أعلم.