الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرا على اهتمامك بأمر دينك وتحريك للحلال، وماذكرته يذكر بقصة المرأة الصالحة التي كانت توصي زوجها قبل خروجه للعمل فتقول له: يافلان اتق الله فينا فإنا نصبرعلى حر الجوع ولا نصبر على حر النار.
وما سألت عنه حول عمل زوجك لا حرج فيه في الأصل إذا اجتنب جلب الشركات التي أنشطتها محرمة كالشركة التي ذكرت في السؤال ونحوها. وعليه، فإذا اقتصر عمله في الشركة على التعاون مع الزبائن ذوي النشاط المباح فأجرته من عمله ومكافأته التي يتحصل عليها مباحة، ولو جلب زبونا مجال عمله محرما فيكون في أجرته من الحرام بقدر ذلك العمل المحرم؛ لأن الأجرة في مقابل العمل، فإن كانت على مباح كانت مباحة، وإن كانت على عمل محرم كانت محرمة، وإن كان في العمل مباح وحرام كان في الأجرة من الحرام بقدر ذلك.
لكن ما دام زوجك كان يجهل حرمة تعاونه مع تلك الشركة لتأوله بأنه ليس هو المبرمج فلا حرج عليه، وله الانتفاع بالراتب والمكافأة كلها، ولا يلزمه التصدق بشيء من ذلك شريطة توبته من التعاون مع أهل الحرام بندمه على ما سبق وعزيمته ألا يعود إلى مثله، وليقتصر في عمله على التعاون مع من كان عمله مباحا لئلا يعين أهل الباطل على باطلهم فقد قال تعالى: وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة:2}. ولو تصدق بقدر ما يناسب ذلك الفعل المحرم من راتبه ومكافأته فهو أولى، ولو كان يجهل مقدار ذلك فليجتهد من باب الاحتياط وإبراء الذمة، ومتى تصدق فقد أحسن سواء من نفس الراتب والمكافأة أومن غيرهما من رواتبه السابقة أواللاحقة لتعلق الأمر بالذمة لا بعين المال.
وعليه نصح رئيسه في العمل إن استطاع ذلك ليكف عن معاملة أهل الحرام بالترويج لحرامهم وإعانتهم عليه ببرمجته أوغيرها. فقد روى مسلم من حديث تميم الداري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الدين النصيحة، قلنا لمن؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم.
وللمزيد حول ما ذكر وحكم العمل مع مختلط المال انظري الفتاوى أرقام: 51352 ، 66900 ، 100729.
والله أعلم.